إدريس الاندلسي
على غير العادة لم تكن أولى الأروقة التي ازورها في معرض الكتاب تلك التي تضم دور النشر العربية. قررت البدء هذه السنة أن أدخل أولا إلى جناح المؤسسات الوطنية كمجلس الجالية و مجلس حقوق الإنسان و غيرها. و أثناء مروري أمام رواق رئاسة النيابة العامة تثاقلت خطاي و ظننت لأول وهلة إلى أن المعروضات من الوثائق ستضم مواضيعا تستهدف ذوى الاختصاص. و لكن مسؤولة التواصل التي تعرف اهتماماتي الصحافية دلتني على كنز ثمين بجناح المؤسسة التي تنتمي إليها. و كم كانت المفاجأة كبيرة حين أكتشفت أن الأهم في ما يعرض يكشف عن ذكاء مواطناتي لهذا المكون الأساسي في منظومتنا القضائية.
الجديد الذكي هو كتيبات صغيرة في مواضيع قانونية كثيرة مكتوبة بطريقة برايل و موجهة للمكفوفين يضاف إليها شريط مؤسساتي يعتمد لغة الإشارة موجه للمواطنين الصم البكم. منذ زمن بعيد رفع المغرب شعار إدماج ذوي الاحتياجات الخاصة من مكفوفين و ذوي عاهات في مجتمعهم. وضعت سياسات عمومية في هذا المجال و لكن النتائج لا زالت نسبية. فالولوجيات لا زالت غائبة في كثير من المؤسسات العمومية و الخاصة، كما هو الأمر بالنسبة لتقديم الخدمة العمومية في المجال التلفزي.
أن تفتح رئاسة النيابة العامة باب الإستفادة من الخدمات القانونية أمام فئات اجتماعية تعيش وضعيات خاصة فهذا ينم عن حس مواطناتي كبير لدى هذه المؤسسة. المكفوفون و الصم البكم هو مواطنون قد تضطرهم ظروف عيشهم لكي يكونوا مثل غيرهم متقاضين. فبدل أن يشعروا أنهم غرباء على هياكل و أماكن الفعل القضائي سيتمكنهم هذه المبادرة الأولى من الدخول إلى عمق حق يضمنه الدستور و هو المساواة أمام القانون. و المقصود طبعا و في هذه الحالة مساواة في الولوج إلى خدمة عمومية يقدمها مرفق عام لجميع المواطنين. و منذ الآن أدعو الزملاء من كافة المنابر الإعلامية لزيارة جناح رئاسة النيابة العامة. و ليس من رأى كمن سمع .