المبارك الگنوني
طاقم من ثمانية بحارة، من جنسيات مختلفة، وهم على أبواب مغامرة غير مسبوقة: عبور المحيط الأطلسي، والوصول إلى سواحل القارة الأمريكية، على قارب من نبات البردي، شبيه بالقوارب التي اعتاد المصريون القدامى استخدامها، قبل 5000 سنة. تفتقت البذور الأولى لهذه المغامرة في مخيلة رجل استثنائي، من جنسية نرويجية، اسمه ثور هايردال Thor Heyerdahl. كان أنثروبولوجيا وعالم آثار وبحارا متمرسا، يجمع كل الصفات التي تؤهله لإطلاق العنان لنفسه في مغامرات مجنونة. في إحدى مغامراته، سنة 1970، كان بين طاقمه شاب مغربي يدعى المدني آيت أوهاني، تعود أصوله إلى مراكش. لم يسبق لهذا الشاب، الذي كان حينها يشتغل فندقيا في آسفي، أن وضع قدمه على متن قارب في حياته، ليجد نفسه دفعة واحد يعبر المحيط الأطلسي، لمسافة 6000 كلم، على متن قارب من البردي. بعد 45 سنة على هذه الرحلة، يروي المدني آيت أوهاني، وقد صار شيخا الآن، قصة العبور الفريدة هاته:في الوقت الذي كانت تتم فيه التحضيرات الأخيرة على قدم وساق، وقع حادث غير متوقع هز الفريق وقلب الأمور رأسا على عقب، فقد أعلن بحار تشادي يدعى عبد لله انسحابه، بعدما وصلته رسالة من زوجته المصرية تخبره بميلاد طفلهما قبل موعده.نتشر خبر وجود مقعد شاغر في “رع 2” انتشار النار في الهشيم. ووصلت أصداؤه إلى خارج آسفي، التي قدم إليها عدد من البحارة لتجريب حظهم. كان هايردال يستقبل المرشحين فوقع اختياره على المراكشي ابن ثانوية محمد الخامس الذي كان يعمل موظفا بآسفي. بعد ثمانية أسابيع من السفر، وقطع 6400 كيلومترا، وصل طاقم “رع 2” أخيرا إلى جزيرة بربادوس، (دولة جزيرة في جزر الأنتيل الصغرى)، حيث استقبله السكان المحليون استقبال الأبطال. رددت الصحافة الدولية صدى هذا الحدث الفذ في جميع أنحاء العالم. وعقد المدني مؤتمرات وألقى محاضرات في الكثير من بلدان العالم، ليروي مغامرته الاستثنائية. أما هايردال، فواصل مسيرته في إدهاش الوسط العلمي بنظرياته العلمية ومغامراته الجريئة، قبل أن يسلم الروح في أبريل 2002.ولم ينسه المدني وأصدقاؤه، فأسسوا سنة 2005 جمعية باسم “أصدقاء ثور هايردال”.