تشاء الأقدار أن تجعلنا نعيش على الإيقاع الحزين للفقد الثقافي والإنساني لوجوه متميزة في الساحة الأدبية والفكرية.هامة ثقافية تغادرنا فجر يومه الجمعة،إنه الأديب والكاتب ” إدريــس بـوطــور” مفخرة حاضرة المحيط أسفي والمغرب.
فارقنا اليوم طود عظيم، علَم من أعلام المغرب، مجاهد آمر بالمعروف ناهٍ عن المنكر، محموم بهَمّ أمته، من أكبر الدعاة إلى التحصن بأردية العلوم مولاي إدريس بوطور رحمه الله تعالى.هو رجل من الرجال الأشاوس لا يعرف مداهنة، ولا يرضى بالدنية، ولا يخاف في الله لومة لائم.يجاهد على كل الجبهات، السياسية والفكرية والعلمية والثقافية.انتقل إلى رحمةِ الله تعالى الباحت و المربي المفسر، الأستاذ الجليل عن عمر يناهز السبعين عامًا.لا اجد كلمات نعي تليق به او لربما استنفدت السنوات الماضية مخزون كلماتي فاقف اليوم عاجزاعن الكتابة عاجزاعن التعبير.
انت اليوم صورة، صورة مع بعض كلمات النعي المعادة (انا لله و انا اليه راجعون، ربنا يرحمه…الخ ) لا عيب في هذا فهو المتعارف عليه للنعي و هو اسلوب كنت ساتبعه لولا تلاحق الاحداث و لولا مرض ربط الاحداث الذي يفتك بعقلي. لا اشعر بالحزن او لربما ما أشعر به هو نوع آخر من الحزن فهو ليس حزن خسارة أو حزن فراق . لاني عدت أعي أن الحياة لا صفات لها هي فقط تكتسب صفات من فيها. و لذلك في كل مرة نخسر فيها أحد الأنقياء تزداد سوءا.كان الراحل كاتبا ألمعيا، ولكن لم يكن مِن هؤلاء الذين اتَّخذوا القلم وسيلةً للدنيا، بل كان مربيًا، يدعو إلى الفضيلة بقالِه وحاله، وأخلاقه وسلوكه. كان الراحل من حفَّاظ القرآن الكريم، ومن المؤلِّفين في علومه، ومن الباحثين في قضاياه عبر تدوينات يتقاسمها منذ عقد مع طلابه ومحبيه.قرأت له قبل أن أتعرف عليه مقالات منذ التسعينات كان ينشرها بأجود الصحف المغربية.لا شك أن حياتك انتهت اليوم أستاذي، هذه حقيقة لا مراء فيها، لكنك ستبقى نبراسا يضيء طريق من يبحث في تاريخ المغرب عن مكامن الخلل الذي نعاني منه اليوم. رحم الله أستاذنا وغفر له، وأسكنه جنات النعيم مع النبيين والصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقًا، وجعل الجنة مستقره، فضلًا ورحمة من الله جل وعلا ونعمة، جعل الله علومَه وأعماله جاريةً حتى الحشر في الأمة، ونافعةً له حتى المحشر وما بعده، بإيصال ثوابها من رب الأمة جل جلاله.رحمك الله أيها المنافح عن الوطن واللغة وألهم أهلك وأبناءك وذويك، وإخوانك الشيوخ، والأساتذة، وطلبة العلم، والأمة المغربية في هذا العلَم الشامخ الصبرَ والسلوان.
مبارك الگنوني