جاء في رد امنستي أن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج: لا تقرأ جيداً بيانات منظمة العفو الدولية.
ويذكر أن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، وجهت اتهامات لمنظمة العفو الدولية “أمنيستي”، بخدمة “أجندة أخرى” والتمييز بين السجناء، على خلفية دعوتها لإطلاق سراح معتقلي حراك الريف في جائحة كورونا.
وقالت المندوبية في بلاغ لها، أصدرته اليوم الثلاثاء 05 ماي، إن منظمة العفو الدولية “سقطت سقطتها الأخيرة بدعوتها إلى إطلاق سراح سجناء أحداث الحسيمة دون غيرهم، متذرعة في ذلك بجائحة كورونا، لتكون بذلك قد كشفت عن وجهها الحقيقي”.
واعتبرت المندوبية أن موقف “أمنيستي” مخالف للمواثيق الدولية، وأن الاعتبارات التي اتخذتها “هي اعتبارات لا تمت إلى حقوق الإنسان بصلة، بل سخرت فيها صفتها كمنظمة حقوقية من أجل خدمة أجندات أخرى”.
واتهمت المندوبية “أمنيستي” بتجاهل الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها من أجل منع تفشي فيروس كورونا المستجد بالمؤسسات السجنية، ابتداء باتخاذ جميع الإجراءات الصحية والوقائية من تعميم لوسائل التنظيف، والتعقيم الدوري لمختلف مرافق المؤسسات السجنية، وتمكين الموظفين والسجناء من الوسائل الوقائية من قبيل المعقمات اليدوية والكمامات.
لتوضيح الصورة وإزالة كل لبس
ندعو المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج في شخص مندوبها العام
لإعادة قراءة متفحصة لبياننا الذي أصدرته منظمة العفو الدولية أمس 04 ماي.
بداية لابد من الإشارة إلى أنه إذا كان من مسؤول مغربي يعرف أمنيستي وتعرفه جيدًا وله أصدقاء فيها تنطبق عليهم تلك القولة الشهيرة :
“رب أخ لم تلده أمك” ، فهو صديقنا المندوب العام.
لذلك نقول له بكل احترام إن أمنيستي كما خبرها في السابق هو ورفاقه، حينما أشعلت شمعة في زنزانته الباردة، هي نفسها ثابتة في مواقفها الإنسانية لم تتبدل لأنها تمسك بالمبادئ ولا ترتهن إلى المصالح المتقلبة .
وعلى ضوء ماذكر نعرض التوضيحات التالية:
1/ نعتقد أن المندوب العام لن ينسى أنه كان معتقل رأي سابق وتبنته أمنيستي ودافعت عنه بإصرار ومثابرة ،ونشط ملايين من أعضائها نساء ورجالا وشبابا عبر العالم للمطالبة بالإفراج عنه، في وقت كانت الحكومة المغربية تنكر وجود معتقلي الرأي تماما كما يحصل اليوم، ولم يتوقف تضامن أمنيستي معه حتى أطلق سراحه وصار يتبوأ مسؤولية كبرى في هرم السلطة لم تبعده كثيرا عن عتمة زنازين الاعتقال ورطوبتها وقسوتها ومعاناتها، كما نعتقد أنّ أهوال الاعتقال ستظل تجرح ذاكرته وروحه مهما حاول التخلص منها فوهج السلطة قد يطفئ كل شيء في الإنسان إلا جرح الكرامة الذي لا يندمل بل يبقى كامنًا في أعماقِه لا يحس بها إلا هو.
ولا أحد يمكن أنْ يعتقد أنْ المندوب العام ليس ذلك الإنسان.
2/بيان أمنيستي الذي أثار غضب صديقنا المندوب العام لا يخص المغرب فقط إلا من حيث إنه بلد ضمن مايزيد عن 193 بلدًا في العالم تدعوهم منظمة العفوالدولية إلى ” إطلاق سراح جميع سجناء الرأي، فوراًودون قيد أو شرط، الذين تناضل من أجلهم في مختلف مناطق العالم، والذين يواجهون خطرا متزايدا بسبب تفشي وباء كوفيد19.”
إنْ صديقنا المندوب العام الذي تربطنا معه كمسؤول عن إدارة السجون برامج للتربية على حقوق الإنسان تستهدف استئصال نزعة التطرف الأصولي لدى بعض المعتقلين اليافعين وأنسنة الفضاءات السجنية، سيكون الأكثر انتباها إلى أن أمنيستي لا تميز بين الدول في مجال حقوق الإنسان
ولا تشتغل بأجندة خفية فأجندتها واضحة لا تخفيها وهي كونية حقوق الإنسان والمعايير التي تترجمها دوليًا ومنها المواثيق ذات الصلة التي صدق عليها المغرب، ونص الدستور المغربي على سموها.
3/ المندوبية العامة اتهمت في بيانها المذكور، منظمة العفو الدولية، بخدمة “أجندة أخرى” والتمييز بين السجناء، على خلفية دعوتها لإطلاق سراح معتقلي حراك الريف في جائحة كورونا.
وحتى لا نقول إن كرسي السلطة المغري له سحر خاص يجعل الجالس عليه يصاب بعمى الألوان فلا يرى غير ما تريده السلطة منه ، فإننا لن نمسح الغشاوة عن أعين أحد ونكتفي بإعادة نشر فقرة من بيان أمنيستي موضوع النقد والتي جاءت بالحرف الوحد هكذا ”
“تدعو منظمة العفو الدولية الحكومات، بالإضافة إلى الإفراج عن سجناء الرأي، إلى اتخاذ خطوات من أجل الحد من انتشار الوباء، بما في ذلك تخفيف اكتظاظ السجون. وينبغي على السلطات أيضا مراجعة حالات الأشخاص الذين هم قيد الحبس الاحتياطي، فضلا عن الأطفال، والأخذ في الاعتبار حالات الإفراج المؤقت أو المشروط عن الأشخاص المعرضين لمخاطر محددة، مثل كبار السن، وأولئك الذين يعانون من ظروف صحية مزمنة.”
وما توقعته أمنيستي قد حصل بالفعل بعد أن ظهرت بؤر وبائية في سجون الكثير من البلدان بمافيها سجون المغرب.
إن الإنسان عند أمنيستي واحد.
ومرجعيتها في هذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، وعلى المندوب العام أنْ يبين بالملموس ،بعيدا عن أي انفعال عابر، ما إذا كانت أمنيستي في نضالها الطويل والعالمي تخلت يوما عن هذا المبدأ الإنساني الكبير الوارد في المادة الثانية من
الإعلان الذي نحتكم إليه:”لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر
وفضلا عن ذلك لا يجوز التمييز علي أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلا أو موضوعا تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أم خاضعا لأي قيد آخر علي سيادته”،
وعلى هذه الخلفية ثمنت أمنيستي عاليا المبادرة الملكية بالعفو على مئات معتقلي الحق العام من كبار السن وغيرهم ممن يعانون من الهشاشة الصحية.
4/ في النهاية كان حكم المندوبية العامة على منظمة العفو الدولية بأنها “سقطت سقطتها الأخيرة بدعوتها إلى إطلاق سراح سجناء أحداث الحسيمة دون غيرهم، متذرعة في ذلك بجائحة كورونا، لتكون بذلك قد كشفت عن وجهها الحقيقي”.
في هذا الصدد نود أنْ نوجه نظر صديقنا المندوب العام إلى أن أمنيستي لم تكن في حاجة للتذرع بجائحة كورونا لتطالب السلطات المغربية بإطلاق سراح معتقلي
الرأي وفي مقدمتهم شباب حراك الريف والصحفيين والمدونين الشباب،
فقد طالبت بهذا منذ سنوات وحملت صور المعتقلين في كل بقاع المعمور ومازالت ولن تكل ولن تهن لأن حماية الرأي وحرية التعبير مسألة تبقى على رأس أولوياتنا ،وإن كانت المناسبة هذه المرة شرطاً لنرفع صوتنا مع كل الأحرار بقوة :
” أطلقو سراح معتقلي الرأي قبل أنْ تحصل الكارثة ” فلأن العالم والمغرب معه يمر بفترة عصيبة مما يجعل الحاجة ماسة اليوم وبشكل مُلِحّ للتضامن والاتحاد وتعزيز المناعة الوطنية والصحية للدول والشعوب بتعبئة كل الجهود والقوى على اختلاف أصواتها وتوجهاتها وآرائها في مواجهة عدو البشرية كوڤيد – 19.
وسيظل هذا موقفنا لن نحيد عنه وفي جميع الظروف.
5/ المندوب العام لم يقف في اتهامه لأمنيستي عند حدود وصمها بالانحرافات والاشتغال ب “أجندة أخرى ” غير حقوق الإنسان، وأنها سقطت ” سقطتها الأخيرة” بل هدد بوقف شراكته معها.
لا حاجة للتذكير أنْ أمنيستي جزء من نسيج المجتمع المدني في المغرب وأن من حقها بهذه الصفة دستوريًا أنْ تدخل في شراكات مع المؤسسات الحكومية، وليس العمل مع أمنيستي مِنّة تتفضل بها بعض الجهات في السلطة.
وفي هذا الإطار نتساءل :هل سيوقف المندوب شراكته مع الأمم المتحدة لأن مفوضتها السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليت دعت بدورها حكومات العالم في مستهل الشهر المنصرم ،كما فعلت أمنيستي، إلى إيلاء أهمية لأوضاع المعتقلين السياسيين، وسجناء الرأي، مطالبة الحكومات بإطلاق سراح كل من هو غير موقوف على أسس قانونية، بمن فيهم السجناء السياسيون ومعتقلو الرأي.؟
وماذا سيفعل مع “نداء الأمل” الذي وجهه عدد من المثقفين والسياسيين والحقوقيين المغاربة إلى الملك محمد السادس، من أجل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين على خلفية حراك الريف، والعفو على الصحافيين والمدونين المحكومين منهم والمتابعين؟.
وأخيرا، وهذا بيت القصيد لا ندري كيف يتجاوز المندوب العام اختصاصاته وصلاحياته المحددة بالقانون في إدارة وتدبير إدارة السجون وتوفير الشروط الإنسانية الملائمة للساكنة السجنية، إلى مجال قضية حقوقية وقانونية ذات طابع سياسي وإنساني، وهي العفو على المعتقلين بغض النظر عن خلفيات اعتقالهم والذي يضعه الدستور في يد جلالة الملك فقط .
ولذلك يا صديقي المندوب العام كان “نداء الأمل”.