أحمد السماط
ألف وزير الأوقاف السابق العلامة المرحوم الدكتور عبد الكبير العلوي المدغري كتابا سماه “ظل الله”، وهو رد على الذين انتقدوه بعد أن صرح في درس حسني ترأسه المغفور له الحسن الثاني سنة 1410ه/ 1990م أن السلطان ظل الله في الأرض، يمثل شريعة الله في هذه الأرض، وبين فيه أن الدولة تمثل ظل الله في الأرض، وأن هذا دليل قاطع على أن العلمانية واللائكية لا وجود لها في عرف الإسلام؛ لأن الإسلام يريد أن تكون الدولة شرعية تمثل شرع الله، وترمز إلى ظله، وهذا هو المقصود من الحديث النبوي «السلطان ظل الله في أرضه»، وهذا رد قاطع لكل من يدعي حصر العلمانيه واللائكية في دولة الإسلام، فالسلطان ظل الله في الأرض، يمثل شريعة الله في هذه الأرض بجميع مبادئها وقيمها وأسسها وأخلاقها.
ومن المؤسف أن نسمع اليوم من كلام خلف الوزير المدغري، وهو ينقل تصريحه لوزير الداخلية الفرنسي “أننا علمانيون”.
وحاشا لله أن يكون المغرب دولة علمانيه وفيه إمارة المؤمنين التي تسهر على الشؤون الدينية و الدنيوية.
ولقد كتب العلامه الجليل المرحوم الفقيه الأستاذ الدكتور إدريس الكتاني كتابا في أوائل استقلال المغرب سماه: “المسلم ضد اللادينية”؛ لأن بعض السياسيين الحداثيين ابتدعوا مقولة تقول: “الدين لله والوطن للجميع”، فتصدى لهم، وألف كتابه الذي ينبغي لنا أن نرجع إليه، لنرد كيد الكائدين، ومكر الماكرين، ونبين للناس أجمعين عربا ومسلمين أن المغرب دولة إسلامية، وستظل إسلامية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين.
ونبث في ما يلي ردا من القبر من الدكتور المدغري على خلفه، من كتاب “ظل الله” الذي نشره سنة 2003م بعد أن غادر مسؤولية وزارة الأوقاف.
يقول رحمه الله:” *السياسة في الإسلام مرتبطة بالدين ارتباطا عضويا لا مجال فيه لأي لائكية ولا علمانية، ذلك أن الدولة في الإسلام مؤسسة شرعية، وليست مدنية، والروابط التي تربط المواطنين برئيس الدولة روابط دينية قبل أن تكون وطنية أو سياسية، وتدبير أمور الرعية في الميادين المالية والاجتماعية والاقتصادية والخلقية وغيرها يخضع لضوابط الشرع قبل أن يكون خاضعا لضوابط القانون؛ لكن السياسة التي برتبط بها الدين هي السياسة الشرعية الإيجابية الطاهرة النقية التي يراد بها وجه الله تعالى، ولا يراد بها أي غرض من الأغراض الدنيوية القائمة على الأهواء والأطماع، والتهافت على المال والمنصب والجاه أو السمعة أو الشهرة، وهذه السياسة الشرعية ليست متروكة لأي أحد يمارسها كما يشاء؛ بل إن السياسة التي يرتبط بها الإسلام الارتباط العضوي الذي ذكرته، محصورة في جماعة معينة، هي التي تباشرها وتمارسها، وهي جماعة أولي الأمر* .” (كتاب “ظل الله” الدكتور عبد الكبير العلي المدغري، 1424ه / 2003م، ص: 37.).