مسايرةً للنضال النسائي الرائج من أجل “المناصفة”، أقترح التعديل التالي لمدونة الأسرة :
أوّلا، في الخِطبة:
1- يمكن للمرأة هي أيضا، مثلها مثل الرجل أن تتقدم لخطبته من بيت أهله، إن شاءت، إعمالا لمبدإ المناصفة، إذ لا فرق بينهما في الحقوق والواجبات.
2- تُحضِر المرأة الخاطبةُ حينئذ، من أجل ذلك هدايا الخطبة، وتقترح على أسرة المخطوب قيمةَ مَهْرَ عريسها، و تقدِّم خاتمَ الخطبة الذي أعجبه ونال رضاه ورضا أمه، وأطقمَ الملابس والأحذية الثمينة التي اختارها ليتباهى بها على رفاقه الذين قد يكونون أقل منه حظّا.
3- تحترم الخاطبةُ عُرفَ المنطقة التي تنتمي إليها هي أو خطيبها باتفاق بينهما فيما يتعلق بمظاهرالاحتفال فقد تتقدم لخطبته مثلا في موكب “كارّو يحمل ضْروبة وما إليها” أو في “سيارة ليموزين مزينة بالورود”، تتبعها عائلتها مزغردين مهللين، إشعارا منها ومنهم، برغبتها الملحة في المخطوب.
4- تبرهن الخاطبة على تعلقها بالمخطوب وذلك بالتردد على منزل أهله مرات، داعيةً له للخروج إلى المقاهي والمطاعم، مؤَدِّيةً فواتيرَها بصدرٍ رَحب وسعادةٍ ظاهرة، وزيادةً في تفعيل المناصفة تقتصر هي على شرب القهوة السوداء تاركة له فضل شرب العصير.
5- تؤكد الخاطبة تمسكها بالمخطوب في مناسبات الأعياد بهدايا تُقدِّمُها له ومفاجآتٍ تُبهِجه، وتزيد من تعلقه بها.
6- لكن هذه التعديلات في الشكل لا تغيّر مضمونَ مرحلة الخِطبة وغايتَها التي تظل فترةً للتعارف بين الطرفين واختبار ملاءمة شخصية أحدهما للٱخر، ولا يسمح فيها بالمعاشرة الجنسية، أو مقدماتها، التي لا تحِلُّ إلا بعد الدخول، إذ تعتبر أثناء الخطوبة زنا محرما.
ثانيا، بعد الزواج:
1- تلتزم الزوجةُ بالإنفاق على بيت الزوجية مناصفَة بينها وبين زوجها في كل مستلزمات البيت من غذاء وفراش، وماء وكهرباء، وهواتف ثابتة ونقالة، وحواسيب، وصيانة للسيارة ومَلْـأً لخزانها بالوقود، وتأمينا لها وإصلاحاً، وصيانة للبيت من صباغة وتجميل وتغيير للأثاث والديكورات…
وبالجملة تقتسم الزوجة مع زوجها كل مصاريف ضروريات الحياة اليومية المعتادة وكمالياتها.
2- تلتزم الزوجة بتغطية نفقات السفر وتذاكر الطائرات، ومصاريف الفنادق والمطاعم، والنزهات والترويح عن النفس، ومتطلبات ضيافة أهله أوأهلها في بيت الزوجية، مناصَفة مع زوجها.
3- تلتزم الزوجةُ بأداء نفقات الأطفال المدرسية والصحية والترفيهية مناصَفةً مع زوجها.
4- تتقاسم الزوجة بالسوية مع زوجها مصاريف الخدمات اللازمة لتدبيرالأسرة والعناية بها، العادية والطارئة، الواقعة والمتوقعة.
5- يحدد الطرفان المتناصفان مُجتمِعيْنِ وظائفَ كل منهما داخل البيت وخارجه، تحديدا تتوفر فيه مظاهر المناصفة التامة، بحيث لا يكلَّف أحدُهما بأكثر مما يكلَّف به الٱخرُ من أعمال أو وظائف، أو يستهلك من ميزانية البيت والأسرة أكثر من الٱخر، أوتكون ملابسُه أو مستلزماتُ حياته وأغراضه، أغلى أو أكثر تكلفة من الٱخر.
5- يسطر الزوجان لهذا بيانا دقيقا مفصلا، بينهما كقانون داخلي معتمد، ملزم لهما معا.
6- يتبادل الزوجان المتناصفان الهدايا بينهما تعبيرا عن حسن العشرة والوئام بحيث يسهران على أن تكون قيمة الهدايا متساوية بين الطرفين في الكم والنوع والقيمة.
7- يحرص الزوجان المتناصفان على المناصفة في عواطفهما بعضِهما لبعض، بحيث تكون عباراتُ الود أو مَظاهِرُه وتجلياتُه، بل مكنوناتُه وبواطنه، التي يبذلها أحدهما للٱخر متكافئةً بينهما، بحيث لا يَفْرُطُ أحدُهما فيها على الٱخر، ولا يفَرِّط .
ثالثا، في الطلاق:
ولو أن الطلاق أبغض الحلال إلى الله، لكنَّ احتمالَ وقوعِه واردٌ، وعليه فإن تدبيرَه يكون هو أيضا مناصفةً بينهما، بحيث:
1- يدفع الطرفان بالسوية مصاريف المحكمة والدفاع، سواء كان المُطالِبُ بالطلاق الزوجَ أو الزوجةَ .
2- يكلَّف الطرفان سوية ومناصفةً، بالنفقة على الأطفال: غذاء، وكسوة، وتعليماً، وصحة، ورعاية، واحتضانا، مهما كان سنهم أو وضعهم، بحيث يحضنهم كل من الطرفين في بيته المستقل، وليس في بيت الزوجية، بالسوية، مناصفة.
3- يقتسم الطرفان بالسوية فراش البيت، وكل الموجودات به، باعتبارها قدِ امْتُلِكتْ أصلاً بينهما بالسوية.
4- يُفسَخ عقدُ كراء البيت إن كان مُكتَرَى، ويدبِّر كلٌّ من الطرفين أمرَ سكنه، كيفما شاء، دون إلزام للٱخر أو التزام منه، أما إن كان البيت مملوكا لهما، فيعرض للبيع ويقتسمان ثمنه سوية، ولا يحق لأي منهما الإقامة به أثناء عرضه للبيع، بينما يجوز لكل منهما تعويض الٱخر بقيمة نصف ثمن البيت لأنه يملك النصف الٱخر، وبالتالي يمتلكه كلَّه، فيحوزُه، لكن بعد إتمام إجراءات البيع.
5- لا نفقة ولا متعة على أي من الطرفين للٱخر بعد الطلاق، ولا مسؤولية ولا تبعات لأحدهما على الآخر، ولا تقبل من أي منهما شكوى ضد الآخر في أي أمر أو شأن، قد كانا مشترِكَيْن فيه.
رابعا، في الإرث:
اعتبارا لما يثار في قضية الإرث من فهوم متناقضة متضاربة، بعضها يبغي تطبيق شرع الله والتمسك به، والآخر يدعي الحداثة والعلمنة، زاعما؛ وهو مخطئ قطعا في ذلك؛ أن قانون الإرث في الإسلام فيه ظلم للمرأة، فإن المَخرَجَ من هذا المأزق المفتعل، هو اعتماد مبدأ “حق الانتفاع”، لمن شاء من الأزواج، وهو حق مشروع في القانون المغربي، بحيث يكون لكل فرد مالكٍ، الحقُّ في تفويت ممتلكاته لمن يشاء، حتى لو لم تكن له به صلة قرابة، ويبقى هو منتفعا بالعقار أو المنقول المفوَّت، إلى حين وفاته، فيؤول حينئذ المِلكُ إلى المُفَوَّت له، وعليه يكون ضروريا بالتالي، عند شراء أي عقار أو منقول بيانُ اسم المُفوَّتِ له، لحظةَ توقيع وثيقة الشراء، التي يُدوَّنُ فيها اسمُه وصفتُه كمُفَوَّت له.
ويبقى لمن شاء التمسكَ بالفرائض كما حددها شرع الله، حقُّ اقتسام الإرث اقتساما شرعيا، لأن نظام الإرث الاسلامي هو ما يبقى معمولا به دون حاجة إلى التنصيص على ذلك في عقد الزواج، وعلى من لم يقبل التعامل به، اللجوءُ الى قانون الانتفاع، في كل ممتلكاته، مع مراعاة بنوده وأركانه وشروطه خاصة المبينة في المواد: 79 ،80 ،81،82 ،90 ،91 ، من مدونة الحقوق العينية، فهو لن يكون حينئذ محتاجا إلى تقسيم الإرث.
ولا حرج ولا مخالفة في الطريقتين أبدا، إذ هما معا مشروعان فقهيا وقانونيا، والله أعلم.
رابعا، تزويج القاصرين:
1- يُمنع منعا تاما تزويج من لم يبلغْ سنَّ الرشد القانوني المحدد في 18 سنة، ولا استثناء أبدا في ذلك.
2- يُحرص أشد الحرص على عدم ارتكاب فاحشة الزنا أو مقدماتها، بين الفتيان والفتيات، فكما منعوا من الزواج؛ والزواج حلال مشروع؛ لأنهم قاصرون، فمن باب أحْرى وأوْلى وأوْجب، منعُهم من ارتكاب ما هو حرام غير مشروع، وذلك بتشديد العقوبة على المخالفين وباتخاذ ما يمكن من إجراءات وقائية للتقليل من فرص الاختلاط غير الضروري، وباعتماد خطط تربوية في المدارس ومراكز الشباب، وبكف الإعلام عن التطبيع مع الفاحشة في المسلسلات والندوات وحثها على العكس من ذلك على توعية الأطفال والمراهقين، بحيث يتربى النشء على العفة والإحصان، وعدم ارتكاب المحرمات.
3- تغيير النظر إلى الزانيات المُنْجِبات لأطفال، بالتوقف عن اعتبارهن “أمهاتٍ عازباتٍ” وإنما بتسميتهن الصحيحة، ومعاملتهن بهذا الاعتبار، عقوبةً لهن وزجرا، وتبخيسا لفعلهن القبيح.
4- يُتعرَّف على ٱباء أطفالِهن، باختبار الشفرة الوراثية، بعد إرغامهن تحت طائلة العقاب على التصريح بالأب البيولوجي، وإلزامه بمقتضيات النسب والبنوة والأبوة.
5- إعتمادُ المناصفة في تشديد العقاب على الزاني والزانية، باعتبارهما معا مسؤليْن عن الجرم، وعدمُ التماس العذر لأحدهما دون الٱخر، ليأخذ غيرُهما العبرةَ، ولِنَتَّقِيَ إنجابَ أطفالِ سِفاحٍ مُحتَمَلين، هم ضحايا على كل حال.
6- كل معاشرة جنسية بين الرجل والمرأة خارج إطارالزواج، ولو كانت برضاهما وقبولِهما، هي مناصفة بينهما للزنا المحرَّمٌ، يمنعها القانون ويعاقب عليها.