آخر الأخبار

رسالة جاريد إلى رئيس النقابة المغربية الفنانين التشكيليين

رسالة مفتوحة إلى رئيس النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين.

زميلي الأخ العزيز محمد منصوري،

على إثر توقيع 400 شخص ينتمون لمجال الفن والأدب من بينهم الشاعر عبد اللطيف اللعبي والسينمائي فوزي بنسعيدي والشاعر طه عدنان والمغنية أوم وغيرهم على بيان تحت عنوان “هذا الظل هنا” Cette ombre est là » في 11/08/2020 ينددون فيه بالتشهير والقمع في المغرب وذلك تبعا لملاحقة الشرطة للصحفي عمر الراضي الذي تتابعه النيابة العامة بشبهة تلقي أموال خارجية مقابل الاستخبارات لفائدة عملاء دولة أجنبية، وعلاقته “الملتبسة” بجاسوس انجليزي سابق في الوقت الذي ينفي فيه الصحفي المذكور ذلك مؤكدا أن موضوع الاتصالات الهاتفية لهذه الجهات هو تقديمه خبرات اقتصادية. وكانت منظمة العفو الدولية (أمنيستي) قد اتهمت السلطات المغربية باستعمال نظام معلوماتي لشركة NSO الإسرائيلية للتجسس على هاتف هذا الصحفي. وهو الأمر الدي نفاه وزير حقوق الإنسان مصطفى الرميد وطالب المنظمة بنشر أدلتها.
وللإشارة فإن عمر الراضي هذا هو من كان وراء تفجير ملف “خدام الدولة” المعروف ببيع بقع أرضية في ملكية الدولة بأثمنة زهيدة وانكشفت أسماء لشخصيات نافدة في الأحزاب ودوائر عليا. لذلك يتكلم هذا الصحفي عن الكمين الذي نصب له وجاءت فرصة محاسبته. هذه الحسابات لا يعرفها كثير ممن وقعوا على البيان الذي يدعو في منطوقه إلى “إطلاق سراح السجناء السياسيين والحق في التحقيق والمناقشة والتحليل والنقد (…) دون أن يتم التشهير بنا وتجريمنا ولومنا وشتمنا وتهديدنا والتحرش بنا”.
كنت رفضت أن أوقع على هذه العريضة، ليس لأنها تضم أسماء لأشباه الفنانين، بل لأني غير مقتنع أن يجعل البعض من عمر الراضي حصان طروادة، أي باسم الحق في التعبير والرأي نمرر الدفاع عن شخص لازال أمره بيد النيابة العامة وعلى ذمة التحقيق. ولا نعرف مدى صدقية الشبهات التي يلاحق بسببها.
يمكنني، كما هو دائما، أن أناصر قضايا الحق في التعبير لكن بعيدا عن التسخير L’instrumentalisation. ثم أنني لم أوقع على ذلك البيان لأن قضية عمر الراضي ليست ملفا – حتى الآن- كافيا كي نصف المغرب ببلد تنعدم فيه الحريات العامة وننسف كل ما حققناه في مسلسل الانتقال الديموقراطي منذ رحيل الحسن الثاني، فالمغرب يعرف تعدد الأحزاب ويعرف تطورا ملحوظا في حقوق الإنسان ويسود فيه دستور لا نظير له في المجموعة العربية ولا في المنطقة الإفريقية. ومن يسعى للركوب على ملاحقة الشرطة للصحفي المذكور ويتحين الفرصة ويوظف الفنانين او حتى أشباههم كي يجعل من بلدنا بلد القمع والاستبداد فهو مجانب للحقيقة.
وما هي إلا أيام معدودة حتى ظهر بيان مضاد ل 400 فنان توصلت به منك مشكورا. وامتنعت عن توقيعه هو الآخر ووضحت لك السبب. وهو البيان الذي عرف توقيعات واسعة لأسماء كبيرة تحت عنوان ” الفنانون والمبدعون يثقون في مؤسسات الدولة”. وإذا كان البيان الأول يقف على يسار الدولة فإن البيان المضاد يقف على يمينها. وكما سخر أصحاب البيان الأول أفرادا غُرر بهم فالبيان المضاد الذي يقف إلى جانب منابر إعلامية قريبة من السلطات سقط في تظليل فنانين منهم من هو على حسن نية ومنهم من يحلم أن يكون اسمه إلى جانب أسماء كبيرة ومنهم من هو بلا مبادئ وكان دائما يهرول نحو المحزن. والحقيقة أن لفظة ” الثقة في مؤسسات الدولة ” هي بلطجة بلا حساب. فأهم مؤسسة من مؤسسات الدولة، بعد المؤسسة الملكية التي تحضا بثقة المغاربة قاطبة، هناك مؤسسة رئيس الحكومة التي لا أعيرها شخصيا أي ثقة. ولو أن هذا البيان المضاد أراد بأسمائه أن يكون بمتابه الضربة الأخيرة في السمفونية التي تنهي العزف.

أحمد جاريد