وجهت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع المنارة مراكش، رسالة الى وزير الشباب والثقافة و التواصل، بشأن الاختلالات وانتهاكات حقوق الإنسان بمركزي حماية الطفولة إناث و ذكور بمراكش،جاء فيها : ” انها تتابع بقلق عميق وضعية مركزي حماية الطفولة للفتيات والفتيان على حد سواء بمدينة مراكش ”
واحاطت الرسالة الحقوقية الوزير أنه سبق لهل أن راسلنا الوزير المسؤول عن القطاع خلال سنة 2020 مرتين الأولى خلال فترة الحجر الصحي والثانية خلال شهر يوليوز ، كما اعادت المراسلة في صيف 2022 للجهات المسؤولة لاثارة ملفات سوء التسيير والتدبير والتلاعب في صفقة التغذية ، والهبات العينية والمساعدات التي يتلقاها المركز، ناهيك عن غياب التأطير والتكوين المهني والتعليم ، اضافة الى تغيير التدابير التي يقرها القضاء المختص لأغراض تستهدف التلاعب في منحة التغذية المخصصة للنزلاء الضعيفة اصلا.
واضافت الراسالة ذاتها، أنه إذا كانت قد حلت بالمركز لجن اقليمية و جهوية ولجنة تفتيش وطنية فإنها للأسف الشديد لم تلمس اي تحسن في الخدمات المقدمة للنزلاء، وأن تغيير مدير مركز حماية الطفولة ذكور وتكليف مديرة مركز حماية الطفولة للفتيات بإدارة المركزين معا لم يكن له التأثير الإيجابي على النزيلات والنزلاء على حد سواء.
وأشارت الرسالة إلى تفجر فضائح أخرى خلال نهاية شهر أكتوبر لسنة 2022 بطلتها مديرة المركزين، بالاضافة الى استمرار سوء التسيير والتدبير والتلاعب في الهبات والدعم و المال العام ، وعدم احترام التدابير التي يقرها قضاء الأحداث ، قد سجلنا ما هو أخطر مثل لجوء المديرة الى أسلوب المعاملة القاسية واللاإنسانية الحاطة بالكرامة والعنف في حق نزيلة ، وأيضا الاستغلال الجنسي لنزيل من طرف شخص لا يمت بصلة للمركز، فحسب الإفادات التي توصلنا بها ، فهذا الشخص ليس بالموظف العمومي ولا بالمؤطر المتعاقد ولا يعمل مع المركز وفق شراكة أو اتفاقية معينة تحدد ادواره وصلاحياته وحدود تدخله، بل جيئ به لممارسة العنف والتسلط ضد النزلاء وتعميق معاناتهم والحاق الضرر بهم والعصف بسلطة القانون واعطاء صورة مشوهة ومخيفة عن المرفق العمومي.
السيد الوزير – تضيف الرسالة – اذا كانت النيابة العامة تصدر العديد من المذكرات وتنظم لقاءات لإيجاد مداخيل أكثر نجاعة للتعامل مع الأطفال في خلاف مع القانون ، والبحث عن بدائل تستهدف التكوين والتأطير لإعادة إدماج النزلاء داخل المجتمع ، وإذا كان المجلس الوطني لحقوق الإنسان قد أوصى باستبعاد الحد من الحرية وتركيز المجهودات على ادماج القاصرين في نزاع مع القانون داخل وسطهم الأسري، فإننا في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش، نعتبر أن هؤلاء الأطفال هم ضحايا السياسات العمومية ومخلفاتها الاجتماعية المتسمة باتساع دائرة الفقر والهشاشة وانعدام الحماية الاجتماعية لأسرهم، وتفشي الهدر المدرسي، وانتشار الجهل و الأمراض الاجتماعية والاحساس بانعدام الأمن، واستعمال واستغلال الأطفال في التسول والاتجار في البشر من طرف مافيا الهجرة وغيرها من الشبكات الخارجة عن القانون.
واعتبرت الجمعية الحقوقية أن مراكز حماية الطفولة لا تنتج سوى العود وقد تقوى النزوع نحو المزيد من عدم الثقة لذى النزلاء نظرا لضعف هذه المراكز وعدم قدرتها على تغيير سلوك النزلاء في غياب استراتيجية مندمجة وعدم اعتماد مناهج واساليب تربوية ترتقي بالأدوار السوسيوثقافية التي يجب توفرها في هذه المراكز.
السيد الوزير :
لانرسم صورة قاتمة عن مراكز حماية الطفولة ، لكنه الواقع الذي لا يمكن حجبه، وبالتالي فليس من العدل والانصاف ولا القيم الإنسانية أن يتعرض طفل قاصر أو فتاة قاصرة في نزاع مع القانون لظلم وانتهاكات وخروقات لحقوقه الإنسانية وهو في عهدة مؤسسة عمومية ومسلوب الإرادة لكونه اولا مقيد الحرية وثانيا لانه قاصر وثالثا لانه من الفئات الأكثر هشاشة التي تعيش وضعيات صعبة داخل المجتمع.
وبالتالي فمسؤولية الوزارة قائمة في كل ما يطال النزيلات والنزلاء من تعسف ، وايضا في فشلها في تدبير شفاف للقطاع وتمكينه من كل إمكانيات التطور للنهوض بحقوق النزيلات والنزلاء وحمايتها ، وإعادة ادماجهم في المجتمع والوسط المدرسي وفي محيطهم الطبيعي الذي لا بديل عنه وهو أحضان أسرهم، وهذا ممكن اذا ما توفرت الإرادة السياسية وتم تغيير التشريعات ورصد الامكانيات والموارد البشرية الكفؤة، المؤهلة والمتخصصة ، وبالرفع من المخصصات المالية للطفولة وخاصة البرامج الموجهة للفئات التي تعيش أوضاعا صعبة ، أما اعتماد مقاربة زجرية والتعامل مع النزلاء بعنف وقسوة اضافة الى عدم تلبية أبسط الحاجيات من شروط الإقامة والتغذية والتعليم والتكوين والترفيه واللعب فإنه لا ينتج سوى مزيد من الضحايا وحالات العود التي لا يمكن حجبها بالخطابات والوعد – تقول الرسالة – .
و أشار الفرع الحقوقي الى أن كثرة المتدخلين في القطاع غير ناجع وأن اعتبار المراكز سجون غير مجدي وأن التنمر والنظرة الاحتقارية والدونية للنزيلات والنزلاء والتعامل معهم كخارقين للقانون وربما كمجرمين يعقد الأمور أكثر، وبالتالي فتوحيد الإشراف والتدخل والتوجه لحل أسباب الظاهرة واعمال الشفافية والنزاهة في التسيير والتدبير ووضع حد للفساد قد تشكل مداخل أساسية الى جانب إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأسر واطفالهم باعتبارها الحل الامثل لتقليص ظاهرة الأحداث في نزاع مع القانون في أفق القضاء عليها. وبالتالي فإنه اصبح من اللازم تغيير الإطار التشريعي للمراكز وتحديد ادوارها ومهامها وفق مقاربة ترسخ قيمة الكرامة والحرية وتضمن الحماية والرعاية الاجتماعية وتصون الحق في التعليم والمساواة مع باقي الأطفال، واعتبار قضية الطفولة بمختلف شرائحها في صلب اهتمامات السياسات العمومية للدولة ومؤسساتها وهذا بالطبع يتطلب كلفة مالية قادرة على انجاز المطلوب الذي ليس بالمستحيل.