جاء في رسالة عمر اربيب عضو المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى سعيد أمزازي وزير التربية الوطنية، ” نعرف انك ناطق باسم الحكومة، ومطلع على كل التفاصيل التي تدور داخل المجلس الحكومي، ورغم ذلك لزمت صمت القبور، لنترك ذلك جانبا حتى لا نتقلك بقضايا انتهاكات حقوق الانسان التي كان نساء ورجال التعليم ضحايا، لاننا نعرف مسبقا ان الخوض فيها ومسائلتكم حولها غير ذي جدوى، كما اننا نتعفف عن احراجكم في موضوع له دهاقنته وفقهاء قانون مزعومين داخل الحكومة وتحالفها، وعرابين مشهود لهم بتبييض سجل الدولة الحقوقي.
السيد الوزير ، لنفترض انك رجل حوار كما تدعي، فلمذا تخشى محاورة النقابات التعليمة وتنسيقيات الفئات المتضررة والتي تحتج باستمرار من اجل مطالب بسيطة. اعرف انك لن تقدر لانك ببساطة لا تقنع حتى محيطك الاداري ، وانه ليس لديكم ما تقدمونه، وغير قادرين حتى الوفاء بالتزاماتكم السابقة.
انكم كوزير مسؤول عن تدبير قطاع التعليم، داخل حكومة العقاب الجماعي للمغاربة، تتحملون كامل المسؤولية في تجهيل ابناءنا، وهدر زمنهم الدراسي المقلص اصلا.
وانكم تتمعنون في هدم المدرسة العمومية وافراغها من مضمونها، وتقويض النزر القليل مما تبقى من مقوماتها و اسسها واهدافها.
هذا خيار مرفوض شعبيا لا محالة تعرفون ذلك ولكنكم تصرون على تدمير ما تبقى من التعليم العمومي، و محاولة المس بكرامة كافة مكونات المدرسة العمومية حتى اصبحت قيمة الكرامة المتأصلة في الانسان مطلبا ، من لذن الجميع اداريين، مدرسين، تلميذات وتلاميذ، وبهذا تسيؤون لعموم المواطنات والمواطنين ذوي الحاجة والمصلحة للمدرسة العمومية، بل تجهزون على الحق في التعليم الذي ربما لا تعرفون انه غير قابل للتصرف او التفويض ، و تتغافلون انه واجب على الدولة توفيره وفق اشتراطات معروفة ومتداولة، يعرفها اللاطفال قبل الكبار، والذين حرموا من هذا الحق قبل المتعلمين، انكم لا تدركون ان الفقراء في البوادي كما المدن، يضحون ببعض الضروريات لتوفير شروط بسيطة لتعليم ابناءهم.
هل تعلمون ان هناك اشتراطات ومقومات للعملية التعليمية والتعلمية ، مدخلها تعليم يستحضر الى جانب تعلم المهارات وتقوية المدارك لذى المتعلم، نشر قيم الديمقراطية والتربية على حقوق الانسان بما فيها القيم الكونية بركنها الاساس ، الكرامة الانسانية ، بمعنى المدرسة حسب المنظور الكوني لحقوق الانسان، هي الية ووسيلة لاشاعة القيم الانسانية والتفتح والمعرفة النقدية، وثقافة الاختلاف وتدبيره ، والابداع، وليس للشحن وثقافة الخنوع والفكر الاوحادي.
اشتراطات الحق في التعليم ايضا، التعميم، المجانية، الجودة، المساواة بين الجنسين ونبذ التمييز القائم عن اي من اشكال التمييز البغيضة ، الموضع الاجتماعي، او المجالي، او اللغوي او العقائدي او….
السيد الوزير ، بتنكركم لمطالب الشغيلة التعليمية بساءها ورجالها، وعدم تفعيل اتفاقات 2011، والتزاماتكم المعلنة لسنة 2019، تضعون نفسكم والحكومة التي تنتمي اليها، وتنطق باسمها متناقضا حتى ما تروجونه من خطابات حول الارتقاء بالمدرسة و التعليم العمومي .
اكيد ان سياستكم سيكون مآل برنامج اصلاحكم الجاري لا يختلف سوى في الاخراج عن ما سمي مخططا استعجاليا الذي التهم ميزانية ضخمة دون ان نرى منه سوى الخراب لمنظومة تعليمية مأزومة، لازلنا نجتر نفس برامج الفشل، وتكررها الحكومات المتعاقبة ، لانها ببساطة تفتقد للمنهاج التحليلي الواقعي والاستشرافي، وللاستراتيجيات المبنية على المؤشرات، وللارادة السياسية ، اضافة لكونها ، لا تعمل لتأسيس منظومة تعليمية عمومية في خدمة المواطن وضمان حق التعليم، بقدر ما تنفذ املاءات تخريبية للمرفق العمومي وللحقل الاجتماعي اساسا، وترسم سياسات لتقليص التعليم العمومي وافراغه من مضامينه وحمولاته المتعارف عليها ، خاصة الجودة، ودفعه للمزيد من التأزيم لرفع منسوب تشكيك المواطن في المدرسة العمومية، وتوجيهه مكرها نحو القطاع الخاص الذي تعتبرونه شريكا استراتيجا، هذا القطاع الذي برهن عن شراهته وسعيه الحثيث للربح السريع واقتناص الفرص والزحف لاستقطاب الزبناء بكل الوسائل بما فيها غير الشروعة وابتزاز الاسر، بدعم من وزارتكم.
ان اغلاق باب الحوار في وجه الشغيلة التعليمية، هو اخفاق في الاستماع لنبض الشارع وللمجتمع، لان الشغيلة التعليمية ليست رقما عدديا يقلص كثلة الاجور او رفعها، انهم في تماس مع المجتمع ومطوقون بتقديم خدمة اجتماعية وحق اصيل للملايين من الطفلات والاطفال وخلفهم الملايين من الاسرة.
فالحوار لمعالجة الاشكالات هو الكفيل بتخفيف الاحتقان ورسم مسارات وفق مقاربة تشاركية ديمقراطية تساهم فيها كل مكونات المدرسة العمومية، اما الاسقاطات واللإملاءات والخطابات الديماغوجية فأكيد ستؤدي الى مزيد من التأزم وتكريس الفشل وتعمق الهدر المدرسي وحرمان الملايين من حقهم المشروع ، وتعصف بما تبقى من العملية التعليمية والتعلمية.
ان المسؤولية السياسية ، تقتضي الشجاعة وحجة الاقناع وقول الحقيقة وسماعها وليس اللامبالاة وهدر الوقت والاستعاضة عن معالجة الاشكالات بالتنكر لها وطمسها.
* الشغيلة التعليمية: جميع العاملات والعاملين بقطاع التعليم بدون استثناء ومهما اختلفت رتبهم ودرجاتهم ومهامهم.