مصطفى المنوزي
في كثير من المناسبات كنت أصر على عدم تشبيه عهد محمد السادس بغيره من العهود السابقة ، فبغض النظر عن عدم تماثل الشروط والظرفيات والسياق والشرعيات وكذا الأشخاص والشخصيات والعقليات ؛ فإن التميز حاصل على الأقل في تعبير الدولة في شخص رئيسها الدستوري ومهندسيه الأمنيين عن إرادتهم في فك الإرتباط مع مقاربات ومناهج التدبير السابق للقضايا الوطنية الإستراتيجية والحيوية والمصيرية ، وعلى الخصوص القضية الوطنية وتأهيل العلاقة مع الجوار والإستعمار ، وذلك تناغما مع مطالب القوى الديمقراطية ، وعلى الخصوص مطلبنا داخل كل الهيئات المدنية والإجتماعية والحقوقية التي حصل لنا شرف المساهمة في تأسيسها وقيادتها منذ شتنبر 1999 ؛ حيث كنا نربط كل الإنتقالات وشروط سدادها بضرورة فك الإرتباط بالخوارج والإستعمار وحل عقدة تجزئة كياننا المغاربي بحل الأزمات والتوتر المفتعل مع أشقائنا في الجوار ، وكان قليل من حلفائنا وخصومنا من يتجاوب مع صدقية مطالبنا الديمقراطية وشرعية مقاصدنا الوطنية ، رغم تحذيرنا للجميع من كون ما يجري من تحولات خلفياته أمنية واستخباراتية تنهل من وعاء تداعيات أرشيف الحمايات والتسويات الإذعانية الإستعمارية ، هدفها في آخر المطاف تكريس التبعية بجميع ابعادها وترسيخ عقدة التجزئة والتخلف والتحقير والتفقير ؛ لذلك كنا صرحاء في الإعراب عن استعدادنا الدائم لمناهضة منطق اللادولة ، وكانت تجربة مساهمتنا الحقوقية ببعد سياسي ووطني في تأطير حلقات الحالة النضالية التي سميت إعلاميا بالربيع العربي ، رغم أن الثمار كان حصة الأسد فيها من نصيب المحافظة والأصولية هنا وهناك ؛ واليوم وبعد الذي حصل من تحولات جيوستراتيجية نؤكد بأنه حان للوقت لرد الإعتبار للتدبير التشاركي لقضايا الوطن الحيوية والسيادية ، ولم تكن دعوتنا لتنصيب المجلس الأعلى للأمن ودسترة مجلس الدولة كمؤسستين إستشاريتين في المجال الأمني والقانوني ؛ عبثا وابتذالا . وإلى أن تستوعب الدولة ومنهدسوها مقاصدنا الوطنية ، أدعو إلى تصفية الأجواء السياسية والبيئة الحقوقية ، وإطلاق حوار عمومي حول كافة القضايا المصيرية من أجل التعبئة لفك العلاقة مع الخوارج الغربيين والمشرقيين ، فحلفاء المغرب الرسمي التقليديين لا تهمهم إلا تحصين مكاسبهم التي راكموها بالإستعمار والإستغلال ، بإسم الدين أو الإقتصاد ؛ وإلى ذلك اعتمد حد أدنى كمدخل لانخراط وإستقطاب الإرادات الوطنية من أجل تبني وتأكيد خمس لاءات تضامنا واحتجاجا وفق مايلي ، وولنفس الغاية أناشد القوى الديموقراطية والهيئات الحقوقية والمدنية إلى إطلاق مبادرات نوعية احتفاء ووفاء لمطلب التحرير والديمقراطية والعدالة الإجتماعية :
– لا لمأسسة عدول الدولة عن العدالة الإجتماعية وعن العدالة المجالية في السياسات العمومية ، وفي هذا لابد من تعديل الفصل من الدستور لكي يرد الإعتبار للمسؤولية الإجتماعية بتحمل الدولة للالتزام بتحقيق وبضمان النتيجة في المجال.
– لا لتخلي الأحزاب التقدمية عن البعد الإجتماعي والحقوقي في الهويات الحزبية ، وهذا يقتضي تبني استراتيجية النضال الديمقراطي .
– لا لتفضيل الحقوق المدنية والسياسية على حساب الحقوق الإقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية ، وفي جميع الحالات لابد من ربط ضمان الحق في الأمن ضد الخوف بضمان الحق في الأمن ضد الحاجة .
– لا للافلات من العقاب في الجرائم السياسية والاقتصادية وخاصة جرائم التفقير والمس بالحق في الحياة ، وهذا مشروط بتأهيل الحق في الأمن القانوني والأمن القضائي في ظل سلطة قضائية مستقلة ونزيهة وجيدة الإنتاج والحقيقة القضائية .
– لا لرهن سيادة وكرامة ومصير الوطن لإرادات وقرارات وسياسات الخارج الأمنية والمالية ، وهذا شرط أساسي لضمان كافة الحقوق في السيادة وتقرير المصير وإقرار واستكمال التحرر والإنعتاق .
فاعل حقوقي بجميع القبعات (غير الحزبية) .