آخر الأخبار

زعامات كارتونية

إدريس المغلشي

العمل السياسي ليس هواية نمارسها بلا ادوات.ولا ترفيها نملأبه اوقات فراغنا .وليست حرفة لمن لامهنة لها .كما انها ليست “برستيج” لمن يملك ثروة من اجل ضمان وجاهة هنا وحصانة هناك .السياسة نبل واخلاق ومؤهلات غير متأتية ولا هي في متناول الكل .كل الذين سجلوا اسماءهم خالدة في الساحة السياسية وفي وجدان وضمير الأمة لم يستفيدوا منها بل أدوا الثمن غاليا من اعمارهم من خلال مواقفهم فلم يستهويهم بريق المناصب ولم يخضعوالضغط وقوة المكاسب. ارخوالمرحلة زاهية في مسارهم تشرفهم وبصموا على مرحلة مهمةمن الزمن السياسي ولن تنساهم الذاكرة . شخصيات تتمتع بمقومات من الصعب تكرارها الا ناذرا وفي مواقع محدودة .
لكن في واقعنا الحالي حيث سجل انحدارالمستوى سياسي غير مسبوق وصورة أضحت غامضة بعدما حاصرتها الفوضى والانتهازية والعشوائية.واصبح بادياللعيان لاتخطؤه العين ولا تخفيه بعض الروتوشات ولاالمكياج مهما بالغ في تنميق الصورة بعض المرتزقة المنتسبين للصحافة و بيع الكلام .كل النماذج المثيرة للجدل الان فاقدة لميكانيزمات التواصل وهو امر ناتج بالأساس على أمر مهم. كونها أسقطت بالمظلةمن فوق ولم تتدرج في المسؤولية عبرالبنية التنظيميةالحزبية كما انها لاتتوفر على انتماء عضوي وامتداد شعبي للمجتمع لكسب ثقافته ومعجم ييسر تداولهاو تستحضره في خطابها اليومي .وتعرف ما يجب ان يقال وما لا يستقيم قوله فلكل مقام مقال .بعض المسؤولين بلغوا درجة من الوقاحة لاتتصور ليس من خلال سوء تدبيرهم للملفات التي تقع تحت أيديهم بل من خلال طريقة تعبيرهم كذلك .
اصاب بكثير من الدهشة امام سؤالين هامين لماذا تفشل كل تجربة سياسية في المغرب ؟ هل مرد ذلك لبيئة التنزيل ام لادوات الاشتغال ام للشروط السياسية للممارسة ام ماذا ؟
صحيح أننا في لحظةاستنفاذكل الأوراق السياسية المطروحة في الساحة مع وجود عامل أساسي ان اغلب الاحزاب الحالية فقدت كثير من مقومات قوتها بعدالتدبير وخرجت من التجارب السابقة يطبعها الضعف والتشرذم والصراع الداخلي ولم تعد تقو على الوقوف بعدما فرطت في كثير من اوراقها لاسيما صناعة التفوق في الإنجاز ووجود الخلف لحظة الفشل .وهو امر ينسحب على جميع الهيئات دون استثناء. اعتقد جازما صعوبةصمودها بعدما احتل كرسي الزعامة كائنات كرتونية همها الوحيد ليس تقوية المؤسسة الحزبية والحفاظ على بقائها في الساحة بمايناسب حضورها تاريخها وثقة الناخبين والمنخرطين في رموزها . لقد اصبحنا امام هيئات لاتتوفر على مقومات البقاء . بقوة الصعود تتم عملية الهبوط وربما الإندثار مادام همها الأول والأخير التضحية بالمسار كله في سبيل الزعيم واسرته ونسله. والباقي إلى الجحيم . افسدوا مناخ الممارسة ودفعونا جميعا للعيش في دوامة لاتتوقف من الفشل فضاع الزمن السياسي والكلفة في المجمل يؤديها المواطن المغلوب على أمره .