آخر الأخبار

ساكنة المشور القصبة تستيقظ وتنتفض

عبدالرزاق الحيحي

نحن لا نموت حين تفارقنا الروح وحسب، نموت قبل ذلك حين تتشابه أيامنا، ونتوقف عن التغيير، حين لا يزداد شيء سوى أعمارنا وأوزاننا.
من المعلوم أنه عندما تتبلور للإنسان معرفته بواقعه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وبمختلف مناحي حياته، يكون حينئذ أكثر قدرة على معرفة ما هو الأفضل له، لأن الانتقاء والبحث عن الأفضل فطرة في الإنسان السوي، وأسطر تحت كلمة السوي بخط عريض، الإنسان وجب عليه أن يتطلع للأمام بدلا من النظر إلى الخلف. لكن، وكما هو معلوم فإن عملية التغيير لا تمر بسلام بسبب وجود جبهة مقاومة تقعد للساعين للتغيير كل مرصد، وهذا أمر طبيعي جداً في أي عملية تغييرية، بسبب شعور أفراد تلك الفئة بفقدان مصالحها عما قريب، أو الرغبة في البقاء على كرسي المسؤولية بأي صورة ممكنة ولو دون إسداء خدمة للغير، والمقاومة حتى النهاية، الأمر الذي يستدعي منها إطالة أمد عملية المقاومة، بشكل أو بآخر، ومنها من تستعين بمرتزقة من خارج البلدة أو الحي توكل إليها مهمة الجرب بالوكالة، والدفاع عنها بالباطل وشهادات الزور.
كان اختيار أحزاب لترشيح بعض الوجوه الفاشلة للاستحقاقات الأخيرة بمثابة عملية انتحار سياسية وكان اختيارا غير موفق، ولا شك أن ما حصل خلال أسبوع بالدائرة الترابية لجماعة المشور القصبة لدليل قاطع على ما أسلفت ذكره. فبعد المعاناة المريرة للساكنة، معاناة عمرت لعقدين وربع، نعم 25 سنة، وكمثال على ذلك، سأتناول أحد الأحياء العريقة بالجماعة المذكورة، وهو حي سيدي عمارة وما تعرض له هذا الحي من إهمال وتهميش من طرف من اؤتمنوا على تدبير الشأن العام الذين لم يعيروا اهتماما يذكر للحي الذي لم يستفد من أي تنمية ولا إصلاحات تذكر، بل حتى سيارة إسعاف أو سيارة نقل أموات، لم يتم التفكير في توفيرها لتكون رهن إشارة الساكنة خلال حالات إستعجالية. إضافة لشباب ضائع ومحروم من أبسط الحقوق.
) إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم( إن التغيير آلية من آليات الإصلاح من أجل البقاء، سواء قمنا به بأنفسنا أو جاء التغيير من خارج دوائرنا التي نعيشها. بعد تواصل مع ساكنة حي سيدي عمارة التي كانت المصارحة لديها في وقت مضى أو الانتقاد علانية من الطابوهات تقريبا، بمعنى أنها كانت تتجنب المواجهة بالنقد أو المؤاخذة، وعندما تم وضعها أمام الأمر الواقع، فكأنما استفاقت من سبات عميق، خصوصا عندما أثيرت قضية الإصلاحات التي شهدتها كل أحياء الجماعة باستثناء حي سيدي عمارة الذي تمت برمجته في إطار إصلاحات شملت كل أحياء الجماعة، ليتبخر الحلم وتتبخر ميزانيته، فقررت الساكنة الانتفاضة وقلب الطاولة على من وضعت ثقتها فيهم من قبل، وأصرت عن رغبتها في التغيير وبرهنت عن ذلك من خلال شعارات قوية خلال حملة انتخابية منظمة وبشكل حضاري، ثم عبرت عن ذلك وقالت كلمتها من خلال صناديق التصويت الذي لم يعط الفرصة مرة أخرى لمن جاءوا للاغتناء وإعادة نفس السيناريوهات، وبالتالي الإجهاز عما تبقى من أحلام الساكنة.
وهكذا، تنفس حي سيدي عمارة وساكنته الصعداء بمجرد العلم بنتائج التصويت التي أسفرت عنها نتائج اقتراع 08 شتنبر الماضي بجماعة المشور، فخرجت عن بكرة أبيها لتعبر عن فرحتها لفوز المرشح القوي عبدالرحمان الوفا الذي استبشر سكان جماعة المشور القصبة بقدومه ليخلصها من بعض الأورام التي تم استئصالها ديمقراطيا من خلال صناديق التصويت .
كان مساء الأربعاء 8 شتنبر 2021 يوما احتفاليا مشهودا لم يشهده الحي من قبل، بحيث خرج خلاله كل شباب الحي المخلصين، ذكورا وإناثا في جو بهيج، رافعين شعارات النصر وجابوا كل دروب الحي؛ بل وحتى ربات البيوت لم يتمالكن أنفسهن ليخرجن تلقائيا من بيوتهن ليشاركن الشباب فرحتهم بالزغاريد، وذلك في جو عائلي يترجم الخصوصيات التي تميز حي سيدي عمارة عن باقي الأحياء، كما يترجم لأواصر العلاقات الشبه عائلية التي تجمع بين ساكنة الحي كبيرهم وصغيرهم.
كانت هذه صورة حية ومعبرة تترجم حجم الظلم والتهميش الممنهج والمقصود لحي سيدي عمارة العريق، الذي عانى لعقود من عقوق من أسندت إليهم مهمة تدبير الشأن العام المحلي، وذهبوا يتنافسون من أجل الاستفادة من الريع بشتى أشكاله، كتوظيف الأقارب، فأصبح منهم المضارب في البقع الأرضية بمنطقة تسلطانت وغيرها من المناطق، ومنهم من أصبح في وقت وجيز من ملاك المقاهي والشقق والعقارات لتضيع مصالح أحياء جماعة المشور القصبة عامة.
الغريب هوأن هناك من فاز بكرسي مستشار تحت لون حزبي معين، وغاب خمس سنوات، ثم انتقل في إطار الترحال الحزبي لحزب آخر، ليظهر مرة أخرى كمترشح لانتخابات 2021 ولا زال يصر باستماتة على الاستمرار في لعب دور المستشار الجماعي الفاشل.
ماذا ينتظر من مجلس جماعي كانت كل إنجازاته متمثلة، وكما تطرقنا لذلك من قبل، في تفشي البطالة بشكل مهول، انحراف الشباب وتعاطيه للمخدرات، انعدام وسائل الترفيه وإغلاق المنتزه الرياضي “أكدال” في وجه الشباب واليافعين. وبالمناسبة، فالمنتزه الرياضي “أكدال” الذي أشرف جلالة الملك نصره الله على تدشينه بتاريخ 23 دجنبر 2016 ليكون رهن إشارة الشباب ليساهم في التنمية، إلا أن مجلس جماعة المشور رأى العكس، فوضع قانونا أساسيا مجحفا حررت بنوده على المقاس لتشكل عقبة وسدا منيعا وحاجزا في وجه كل من يرغب ارتياد المنتزه، وكلما ناقشتهم في هذا الأمر يعلقون كل العراقيل والإخفاقات على مشجب السيد باشا منطقة المشور القصبة بصفته آمرا بالصرف، وهي العقدة التي تئرق مضجعهم ولا يستسيغها المجلس الذي يحاول جاهدا الضغط من أجل تغيير القانون المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية الذي يتناول التنظيم المالي الخاص بباشويات المشاور، وأحيانا يتعللون بأن الأمر ليس بيدهم وإنما بيد السيد والي الجهة، في الوقت الذي يرحب فيه بالخواص لتمرير ملعب أو ملاعب أو جزء منها في إطار صفقة كراء .. وما أجمل الصفقات وما أحلاها !
. أما شباب جماعة المشور القصبة المهمشين، يمشيو يكبــــو الما على كرشهم..