ستعود حليمة لعادتها القديمة.
من الإجحاف ،بل من الجحود الا نشكر المدرب الفرنسي هيرفي رونار على كل ما قدمه للمغرب طيلة مقامه على راس العارضة الفنية للمنتخب الوطني . إنجازات تحسب نسبيا للرجل الفرنسي بكل تأكيد .
فإلى عهد بعيد كنا بعيدين عن المشاركة في کأس العالم.. و كنا لا نتجاوز باعتياد الدور الاول في منافسات الكان منذ عهد الزاكي..كما اننا كسرنا في عهده عقدتي الهزيمة مع العاجيين و الكامرونيين.
لقد حل الفرنسي صاحب القميص الأبيض و هو المتوج افريقيا مرتين ليطبق اسلوبه المعتاد و الفريد في النجاح.. فقد تمكن من ايجاد توليفة جيدة بين عناصر سبقت و ان كانت تحت إمرة مدربين آخرين و لم تفعل شيئاً للمنتخب..استطاع رونار أن يوحد الصفوف.. و يآخي بين اللاعبين و يبدل العقليات ..و يشحذ الهمم.. فتفجرت مواهب و سطعت نجوم و انبعثت أسماء من جديد وبالتالي تحققت عدة أحلام و عمت الافراح كل البيوت و الشوارع .
لعب رونارد كل مبارياته بنفس النهج التكتيكي المعروف عليه، الذي كان يعتمد على تحصين الدفاع و تكثيف وسط الميدان و شن الهجمات المضادة الخاطفة، الضغط على حامل الكرة و افتكاكها منذ بداية تكوين هجمة الخصم .
خطط ناجحة وفقا للادوات البشرية التي توفرت تحت يديه والتي انصهرت فيما بينها لتشكل فريقا مندمجا و متراصا يلعب بروح قتالية عالية و برجولة جلية.
ساعد رونارد الايمن هو مصطفى حجي الذي وظف من جديد في هذا المنصب كما كان الامر مع الزاكي ، و ذلك خصيصا لترسيخ تواصله الجيد مع أبناء المهجر و كسب صداقتهم بحكم عدة قواسم مشتركة.
قام الطاقم التقني بتغييب لاعبي البطولة الوطنية رغم تألق العديد منهم خصوصا خارجيا و همش عدة مواهب رغم احترافها انطلاقا من الداخل. ركز المدربان على أبناء الجالية بشكل فاضح و جعلا كل لاعب منتم للبطولة ييأس من طرق أبواب المنتخب الا لماما بل فقط في المشاركة في التجمعات الاعدادية و ما ذلك الا لذر الرماد في أعين الصحافة والرأي العام.
هذه المنهجية الغريبة هي التي جعلت أغلبية لاعبي المنتخب مطمئنين على تواجدهم الدائم في كل الاستحقاقات ،و نظرا لنفس العقلية المهيمنة، الاستحواذية و النرجسية لأغلبية الشعب المغربي فقد تكون وفقا لذلك لوبي داخلي مهمته هو الإقتراب اللصيق بالمدرب، الدفاع عن بعضهم البعض، نبذ و إقصاء الملتحقين الجدد، خلق جبهة نفوذ مباشرة مع أصحاب القرار، التواطؤ مع بعض الاقلام المأجورة و بعض رجال قنوات العار لتلميع صورتهم.
في ظل هذه الاوضاع غير الصحية فقد المدرب رونارد زمام الامور و انفلتت من يده البوصلة فخفت الحماس و قل الطموح و ظهر ذلك جليا في مونديال روسيا و فيما بعده ،فاتجه مرغما لربح الوقت و ربح المال حتى يحين موعد الفراق الحتمي بعد أول إخفاق حقيقي.
كان لرونارد فرصة تاريخية لم يغتنمها بعد الرجوع من المونديال ،فكان عليه كما يفعل أي مدرب محترف يحترم عمله أن يقوم بتنظيف البيت الداخلي.. فيستغل الخطأ الجسيم للعميد بنعطية بإعلان اعتزاله إبان المونديال..فيقوم بتركه هو وكل اللاعبين الذين تجاوزوا سن الثلاثين و الذين يمارسون في بطولات دنيا وفي مستوى ضعيف.. وبالتالي يبني منتخبا جديدا أساسه خليط من عناصر محترفة و أخرى متألقة بالبطولة الوطنية و في المناسبات القارية، و أشير هنا إلى الاستغناء عن بنعطية، درار، كوسطا، بوصوفة، احمدي، بلهندة، فجر، بوطيب، بوحدوز، لمرابط. و تبعا لذلك يمنح الفرصة بل و الرسمية للاعبين واعدين او منتظرين مثل نمساوي، باعدي، ياميق، فضال، حاريث، سفيان مرابط، ايت بناصر، بنشرقي، حمدالله…
بهكذا طريقة نضمن الاستمرارية و نضمن الاستقرار و نضمن التعلق و الالتفاف بالمنتخب لاعبين، جماهير و إعلام.لكن.
كما قلت سابقا فهذه هي نفس الطقوس و نفس الاخطاء التي سادت بعد إحقاقي 76 و 86 و تشريف 98 و نهاية 2004 ، النوم في العسل.. فلا استثمار حقيقي للانجاز ، ولا تخطيط سليم، ولا ترشيد للتوجهات في الافق بل فقط تضخم الأنا و محاباة و مجاملة ، و نفخ الذات.
من طبعنا الا نتعلم من أخطائنا و ان لا نواصل في نفس الطريق ومن عاداتنا ان نعيد الكرة في البناء كل مرة لاننا بكل بساطة ننتمي للعالم الثالث في كل شيء.
تعمدت هذه الطريقة في طرح المشكل الحالي للمنتخب ليتذكر اولوا الألباب الذين وقفوا عن قرب على التجارب السابقة و كذلك لكي لا يتفاجأ الجيل الحالي من إخفاق وشيك سيتبعه قيل وقال و لغط و اتهامات و فعل و رد فعل و سب و قذف وتشهير.
بكل صراحة نحن لا نمتلك منذ زمن بعيد لاعبين في المستوى الكبير لتحقيق اللقب القاري و لبسط الهيمنة على منتخبات القارة السمراء، نحن لدينا فقط عقليات هاوية، غير مسؤولة حتى و إن احترفت في مستوى عالمي لانه بكل وضوح لا يهم اللاعب المغربي لا المجد و لا الالقاب و لا الوطن، بل كل ما يهمه الا جمع المال و التموقع و بعد ذلك السيبة و استعراض العضلات.
نور الدين عقاني / برشيد