في بداية الستينيات ، ذهب الشاعر الغنائي الراحل: حسين السيد في زيارة إلى أمه التركية الأصل في ليلة عيد الأم ، وكانت تسكن في الطابق السادس في إحدى عمارات القاهرة ، وبعدما صعد الدرج ووصل شقة والدته ، اكتشف أنه نسي شراء هدية لأمه ، وكان من الصعب عليه النزول مرة أخرى ، خصوصا أن المصعد كان معطلا ، فوقف على باب الشقة وأخرج من جيبه قلما وورقة وبدأ يكتب :
ست الحبايب يا حبيبة يا أغلى من روحي ودمي .. ياحنينة وكلك طيبة يارب يخليكي يا أمي .. زمان سهرتي وتعبتي وشلتي من عمري ليالي .. ولسه برضه دلوقتي بتحملي الهم بدالي .. انام وتسهري وتباتي تفكري وتصحي من الآدان وتيجي تشقري .. تعيشي لي ياحبيبتي يا أمي ويدوم لي رضاكي .. أنا روحي من روحك أنت وعايشه من سر دعاكي .. بتحسي بفرحتي قبل الهنا بسنة .. وتحسي بشكوتي من قبل ما أحس أنا .. يارب يخليكي يا أمي يارب يخليكي يا أمي .. لو عشت طول عمري أوفي جمايلك الغاليه علي .. أجيب منين عمر يكفي وألاقي فين أغلى هدية .. نور عيني ومهجتي وحياتي ودنيتي .. لو ترضي تقبليهم دول هما هديتي .. يا أغلى من روحي ودمي .
فكانت هذه هي لحظة ميلاد الأغنية التي استغرقت كتابتها خمس دقائق فقط .. وبعد انتهائه من الكتابة ، طرق شاعرنا باب الشقة وفتحت له والدته وبدأ يسمعها كلمات الأغنية ، ووعدها بشكل عفوي بأنها سوف تسمعها في اليوم التالي على أمواج الإذاعة المصرية ، بصوت غنائي جميل دون أن يعرف كيف سيفي بوعده .. أمام هذا المأزق اتصل على الفور بالموسيقار محمد عبد الوهاب وشرح له الأمر وتلا عليه كلمات الأغنية على الهاتف ، فأعجب بها عبد الوهاب ، وقرر تلحينها لإهدائها إلى أمه وكل الأمهات في مصر والعالم العربي ، فلم يستغرق اللحن منه عشر دقائق أيضاً ، ثم اتصل بالمطربة فايزة أحمد التي اشتهرت بأغان عن الأب “حمال الأسية”، والأخ “يا غالي عليا ياحبيبي ياخويا “، وأسمعها الأغنية وتدربت عليها وحفظتها في اليوم نفسه ، وفي صباح اليوم التالي 21 مارس ذكرى عيد الأم غناها محمد عبد الوهاب على العود فقط ، ومع نهاية اليوم كانت فايزة أحمد غنتها في الإذاعة ، وبذلك وفى السيد بوعده لأمه ، ووصلت فايزة أحمد إلى القمة ، وحقق محمد عبد الوهاب أمنيته وأمنية العرب ، الذين ظلوا يطلبون الأغنية هدية لأمهاتهم على كافة المحطات العربيه.