سري جدا
عبارة أنتجتها الحروب العالمية، الأولى والثانية و الباردة وحتى الساخنة، وتوارثتها الأنظمة السياسية والبوليسية، وفي المجموعات الاقتصادية، وصناعة التسلح والغزو الفضائي، وفي الأبحاث التكنولوجية والبيولوجية والعلمية وغيرها.
تجمع سيرورة العبارة “سري جدا” في الميادين أعلاه على أمر واحد: احتكار المعلومة على وزن احتكار الرساميل والشركات والأسواق، والاحتكار السياسي بكل أشكاله في تدبير المعلومات واتخاذ القرارات. سري جدا تعني ببساطة: أزمة هيكلية وحقيقية في مسار الديمقراطية.
أما الشعوب والطبقات المستهلكة، فقد وجدت في العٍبارة عَبارة للهجرة السرية، وتجارة المخدرات والبناء السري والزواج السري والمعاملات التجارية “تحت الطبلة” وتبييض الأموال والسوق السوداء والاقتصاد غير المهيكل والباعة المتجولين واحتلال الملك الخاص والعمومي والرشوة والتملص من الضرائب وخرق قانون السير وقانون الشغل على هشاشته، والمحاكم السرية والمعتقلات السرية، والذين أسروا نجواهم والذين خلصوا نجيا، وصولا إلى المقابر البيئية والإنسانية السرية ومشاريع القوانين التي تطبخ مع النقابات في سرية تامة فتتجرعها المجتمعات، ضحايا السرية، دفعة واحدة كالموت البغتة. مع فارق كبير ملاحظ بامتعاظ كبير. فالموت الذي قهر الله به عباده، ليحيوا به بعد ذلك في الدنيا والآخرة، جعلته مجتمعات السرية سفرا سيزيفيا مع الأجساد المنهكة بوباء السرية القاتل. ولنا في معامل طنجة..وفي بحور طنجة..عٍبرة، بعد العٍبارة، للسائلين حقا في الحياة !!!
عبد الوهاب الأزدي