جليل طليمات
أسفرت انتخابات الثامن شتنبر 2021عن تراجع تراجيدي لحزب العدالة والتنمية ,انتقل بفعله من حزب أغلبي وازن تمثيليا وسياسيا, إلى حزب بلا فريق برلماني,وبلا مقاعد تخول له تسيير مجالس ا لمدن والجماعات و الجهات,بعد أن كان منذ 2016 القوة النافذة في معظمها : فقد 112 مقعدا في البرلمان, و4300 مقعد بالجماعات الترابية, و320 جماعة كان يرأسها..! حقا , وكما قيل وكتب ,هو انهيار مثير, صاعق وغير متوقع..الخ
فماذا وراء هذه الواقعة ؟
يعود الانهيار الانتخابي لحزب العدالة والتنمية لعوامل متعددة يمكن تحديدها في العوامل التالية:
_ التصويت العقابي على الحصيلة الحكومية الهزيلة و الكارثية اقتصاديا و اجتماعيا, وعلى ازدواجية خطاب قادة ووزراء الحزب في قضايا حيوية وحساسة الفرنسة في التعليم, اتفاق التطبيع, القنب الهندي..) .
_ سوء التدبير للاختلافات الداخلية, وما نتج عنه من انقسام داخلي وشلل تنظيمي و انفراط للثقة بين قيادات الحزب وبين قاعدته الانتخابية.إضافة إلى ما لحق بصورته داخل المجتمع من خدوش بسبب سلوكات بعض مسؤوليه الذين استسلموا لإغراءات السلطة وجاذبية امتيازاتها , ناهيك عن من استسلموا لنزوات صغيرة بطرقة مثيرة ساهمت في تبديد رأسماله الرمزي الأخلاقي.
_ فشل الحزب في فرز” كاريزما” قيادية جديدة من داخله , ما أثر سلبا على تواصله مع المواطنين(ت) سواء من الموقع البرلماني أو الحكومي أو الجماهيري
_ فقده للتصويت على أساس عقائدي في هذه الانتخابات,وعلى غرار انتخابات 2016 , التي استفاد فيها حزب العدالة والتنمية من تعبئة ذراعه الدعوي (التوحيد والإصلاح) ومن أصوات باقي تيارات وحساسيات الاسلام السياسي (العدل والاحسان خصوصا) .
_ الاستعداد الجيد والمبكر لمنافسي الحزب, خاصة حزب التجمع الوطني للأحرار,الذي وظف إمكانات مالية ضخمة للدعاية عبر وسائل التواصل الاجتماعي, وسخر مواقع إلكترونية وعشرات الأقلام الصحفية في التعبئة الانتخابية . هذا دون إغفال التقاء الطموح الانتخابي لهذا الحزب بالإرادة السياسية الرسمية ” لمهندسي الانتخابات”.
وخارج ,ما رافق هذا السقوط المدوي من مشاعر فرح لدى خصومه السياسيين والإيديولوجيين , بلغت لدى البعض مستوى منحطا في التعبير عن نفسها , يمكن القول بأن الذي انتصر حقا يوم ثامن شتنبر,هي المقاربة المغربية لظاهرة الاسلام السياسي منذ تفجيرات الدار البيضاء2003 مرورا بالحراك الاجتماعي لسنة 2011 , وصولا إلى احترام المنهجية الديمقراطية بعد ” بلوكاج ” 2016 , إنها مقاربة الإدماج للاسلام السياسي في الحياة السياسية والعمل الحزبي الشرعي , بدل المقاربة الاستئصالية التي لم يكن لها أفق غير ” النموذج الجزائري” بعنفه وعنفه المضاد ومآسيه . بفضل هذه المقاربة الملكية بالتحديد, صعد الحزب الإسلامي إلى مركز السلطة في تلك الظرفية المعلومة لسنة 2011 عبر صناديق الاقتراع, وهاهو ينزل منها بصناديق الاقتراع أيضا, ويعود إلى حجمه الذي كان عليه قبل 2011. وإذا كان ولابد من استعمال تعبير “الاستثناء المغربي” العزيز على البعض , فهذا هو مكانه المناسب , أي نجاح المقاربة المغربية الإدماجية بدل المقاربة الإقصائية الاستئصالية لظاهرة الاسلام السياسي .