لعل الكثيرين ـــ ومنهم العبد لله ـ قد تعاطفوا مع الإعلامي راضي الليلي عقب طرده التعسفي من إحدى القنوات العمومية قبل سنوات، والحيف الذي لحق به وأسرته بعدها، لكن تفاعل السيد راضي الليلي مع أحداث الڭرڭارات يثير أكثر من علامة استفهام…
مبدئيا من حق أيّ إنسان تبني الموقف السياسي والإديولوجي الذي يريده، لكن ما ليس من حقه كإعلامي هو ترويج أخبار كاذبة لا أساس لها من الصحة عن عمد، وأقول عن سبق إصرار وترصد لأن ما أتى به السيد الليلي يخالف أبسط أبجديات العمل الإعلامي والصحفي…
الشيء الآخر الذي أعيبه على السيد راضي الليلي هو أنه قد بلغ من العمر مبلغا، ومع ذلك فهو ما زال يؤمن بأفكار سياسية بالية دون أن تظهر عليه أمارات النضج وتشرب خبرات الحياة، ومنها ترويجه للنظام الجمهوري كحل ينقذ المغاربة ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم…
لك أن تعلم يا أخ راضي الليلي أن شكل النظام ليس هو من يحدد مدى تقدم الدولة من عدمه، وإنما آليات وميكانيزمات مؤسسات الدولة والجدية في تنزيلها على الأرض من خلال نسب الديموقراطية والحقوق والحكامة وفصل السلطات ونجاعة الفعل السياسي أداء ورقابة ومتابعة، ولا أدل من ذلك هو وجود دول ملكية جد متقدمة في أوروبا مثل بريطانيا العظمى والسويد والدنمارك، وبالمقابل جمهوريات ـ أو جمهلكيات ـ رجعية عادت بشعوبها قرونا إلى الوراء في منطقتنا ومحيطنا القريب، بعد أن تشدقت بشعارات فارغة لم ير منها الناس شيئا على أرض الواقع حيث لم يتخل الحاكم عن كرسيه إلا بانقلاب عسكري أو بعد حلول أجله المحتوم الذي لا فكاك ولا فرار منه…
المواطن البسيط يا أستاذ راضي الليلي ليس مطالبا بأن يحب قائد الدولة أو يكرهه، لأن مشاعر الحب أو الكره تكون على مستوى العلاقات الإنسانية الأفقية حيث من حقك أن تحب أو تكره أهلك وعائلتك وعشيرتك وأصدقائك ومعارفك، لكنه مطالب باحترام مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسة الملكية، والتي من حقه انتقاد أدائها السياسي واقتراح بدائل إن خولت له قدراته العقلية ومداركه الفكرية هكذا ترف معرفي، العقول الكبيرة تناقش الأفكار، فيما بغاث الطير تهاجم الشخوص، وقد علم كل أناس مشربهم، ثم إليك الدرس الأهم الذي أمحضك إياه مجانا ولوجه الله سبحانه وتعالى:
النظام السياسي القائم شيء، والوطن شيء آخر تماما.
مراد نصيري