توصيف وتعريف بمسؤولية الحكومة في تعميق أزمة الضياع ، من خلال اعتماد مقاربة الاقتطاع من اجور الموظفين ، لتحقيق التركيع والانصياع المتن والحاشية .
أولًا : المتن :
1- الحلم :
( أحلام النَّحْلة )
قبل ان يرن جرس الثامنة صباحا ، دخل باحة المدرسة متثاقل الحركة ، يجر خطى المقاومة والمجاهدة ، ،ورفع ناظريه إلى فيلق من التلاميذ وجوههم اليه ناظرة ، ووأعناقهم له مشرئبة ، ينتظرون منه الإذن بالدخول إلى حجرات الدرس ، فتوقف لحظة في انتظار سماع رنات الجرس ، وعلى مقربة من حجرات الدرس ،لمح وجوهًا لم يعتد من قبل ان يراها ناضرة مستبشرة ..كانت وجوه زملائه من المدرسات والمدرسين ومن أطر الإدارة التربوية ، كانوا منتشين بالفرح والحُبور ، فاستفسر عن العلة والسبب ، فقيل له ان الحكومة قد استجابت لمطالب كل الشغيلة بما فيهم رجال ونساء التعليم ، وأن الأجرة قد عرفت زيادات مهمة ووازنة ، تتراوح ما بين 700 درهم ، إلى 2500 درهم ، كل حسب رتبته ودرجته وأقدميته ،وأن القرار قد تم تفعيله ابتداء من هذا الشهر .. بل إن بعض المدرسين والمدرسات والأطر التربوية أكدوا له انهم قد توصلوا بهذه الزيادات المادية .
فأحس المسكين بفرح وفرج ، وتذكر في تلك اللحظة الخاطفة كل همومه التي طالما أرَّقتْه حتى جَفاهُ مَرْقدُه ، بسبب ما أمسى عليه من خصيصة وضيق في معيشته الفردية والأسرية ، لدرجة انه قد غرق في مستنقع الاستيدانات والقروض والديون. فحمد الله على فرجه وكرمه، واعتبر ان هذا القَطْرَ جاء في وقته ، وأنه سيبدل كثيرا من احوال القحط والجفاف التي آل اليها وضعه .
ثم انطلق المدرسون صوب حجرات الدرس ، وهم في قمة النشاط والحيوية ، بعد ان جددوا العزم على الزيادة في العطاء، والتفاني في العمل من اجل مصلحة التلاميذ والمجتمع والوطن .
وهكذا قضى ساعاته في بهجة وانشراح ، كان فيها أشبه بفراش الربيع يتنقل من زهرة إلى أخرى ، تارة يشرح وتارة يصدح وتارة يفرح ويسرح بخياله .
رن َّ الجرس مرات متقطعة . فتنبًّه َ أن الحصَّة لم تحن نهايتها ، ففتح عينيه ..ثم اغمضهما .ورنات الجرس متواصلة ، فاستوعب الأمر ، ونهض من سريره مذعورا ، وأيقن ان وقت الاستيقاظ والاستعداد للذهاب إلى عمله قد حان ، وأن ما كان عليه من نشوة وانشراح هو مجرد حلم قصير.
محمد خلوقي