آخر الأخبار

سيرة مناضل من الزمن الجميل – 1 –

من سيرة مناضل الزمن الجميل .(1)
احداث الكوميرة.
يحكى ان …
والعهدة على الراوي .
ان مناضلا عاش رحلة قهرو نفي من اجل طمس الهوية، ومسح للذاكرة .لكنه بقي صامدا غير عابئ بما تخطط له الاجهزة القمعية انذاك ،ايام مابات يعرف بسنوات الرصاص .والاعتقالات التعسفية .في ثمانينات القرن الماضي ،ايام ماسمي باحداث الكوميرة بالدارالبيضاء ، في صيف 1981 حيث اقتحم الجيش لاول مرة منذ الاستعمار شوارع المدينة منتهكا مدنيتها و فضاءها المسالم ، مدينة قيل عنها انذاك عمالية لعلع الرصاص فيها و سقط عدد لايستهان به من الضحايا وعم الخوف كل الشوارع بعدما تحركت “لاراف ” رمادية اللون وهي تضبط انفاس الازقة فتمت اعتقالات بالجملة في عهد وزير داخلية السابق رجل لايجيد سوى القبضة الحديدية . والتحكم في الرقاب. والابداع في صنوف العذاب.وكتم الانفاس. ايام جبروت السلطة وعنفوان النضال.
بشكل مستعجل وعلى وجه السرعة ،اجتمع المسؤولون بعدما استثب الامن والامر ، ووضعوا على حائط مكان الاجتماع صورا كثيرة متفرقة التقتطها عدسات كاميرات متجسسة من مواقع وامكنة مختلفة ، فوجدوا ان القاسم المشترك بينها كلها . صورة شاب عمره انذاك 25 سنة متواجدة بكل الصور ، حيث استشاط غضبا مطالبا على الفور بالكشف عن هويته وكل المعلومات المتعلقة به من شعر قفاه الى اخمص قدميه .
من يكون ؟
ماهي مهنته ؟
لمن ينتمي ؟
فوجدوا ان المعني بالامر ينحدر من اسرة بيضاوية من الاسر المتوسطة ، وظيفته رجل تعليم يعمل بمدرسة ابتدائية .ويمثل جهازا نقابيا على المستوى المجالي ، كثير الحركة والتنقل ذو خلفية سياسية يسارية ،لايكل ولايمل في المرافعة امام ابواب المصانع والورشات ،لايتخلف عن مؤازرة رفاقه امام ابواب المحاكم ،له دربة فائقة في الحشد والتاطير كلماته في الحلقات غير خافية على اجهزة الرصد والضبط ، يعرفونه من خلال نبرة صوته وكلماته القوية والموجعة. التي تعري واقعا مازوما ،وتفضح لوبيات الفساد كما تكشف حقيفة ادوات القمع. لايتوانى في مساندة المقهورين والمظلومين. بيته محج لكل البروليتاريا المقهورة.
امر وزير الداخلية وزير التعليم بتعيينه في ابعد نقطة تجعله ينسى اسمه وشجرة عائلته واهله وفصيلته التي تاويه . فماكان من المسكين الا ان انتقل عبر كل وسائل النقل المتاحة و المتواجدة انذاك، مستقلا ” لاندروفير ” السيارة الوحيدة التي بمقدورها المغامرة في تلك الكثبان الرملية العصية على الاختراق ،لقد ذهب للحدود المتاخمة للجزائر حيث الارض قاحلة لاطائر يطير ولاوحش يسير . الجو حار وسراب ينتشر على بعد اميال قليلة .وسكان يلفون حول رؤوسهم قماشا ازرقا خشية لفحات الرمال والرياح .ونبات السدر والشوك منتشرة هنا وهناك .وطريق ملتوية غطت بعض جنباتها رمال زاحفة ببطء ونظرات بعض الركاب تتبادل كل مرة حوارا فيه كثير من الاستغراب كلما بدا انشغاله باعداد لفافته المفضلة من صنع يديه بعدما اخرج كمية منها من علبة منمقة بتلاوين باهرة تخطف الابصار ، يغلقها بعناية وهي تحدث صوتا كما توصد ابواب السجون اودهاليز قديمة . ينفث دخان سجارته للاعلى فتنبعث منه رائحة شبيهة بالشكلاطة وهو يطيل نظراته نحو الجميع ثم يرفع عيناه للسماء حتى يعطي لنفسه فرصة في التفكير مليا في هذا المسار الجديد والملتهب. تستمر تلك الوسيلة الاسطورية في السير ببطء ممل وهي تتركه وراءها غبارا مايلبث ان يتلاشى تحت اشعة الشمس الحارقة ، وكثبان رملية من كل جانب تغطي المكان وركاب يتبادلون الحديث تارة بالامازيغية وتارة بايحاءات مستفزة. ليس هناك رصيف ولا تشوير. انما السماء والارض وسكان متعلقين بالتراب والانتماء الى خريطة تزاوج بين قسوة الظروف وحب الوطن. ما اقسى مشهد يجمع بين تناقضات صارخة تؤلم ،
الى اين انت ذاهب.؟
(يتبع)