آخر الأخبار

شكرا كورونا..!! ملاحظات حول مسار الحركة السياسية و النقابية

لعل الحسنة الوحيدة لهذا الفيروس الذي اجتاح العالم، وأحدث العديد من التغييرات على الصعيد العالمي، هي إلغاء احتفالات فاتح ماي، و إعفاء الطبقة العاملة من الوقوف تحت أشعة الشمس الحارقة، في الوقت الذي يجلس الزعماء في منصات مظللة  يتناوبون على اخذ الكلمة لتوجيه رسائل مشفرة للنظام، يحرصون على الحضور الوازن للشغيلة، لأنه من خلالها يبرهنون للنظام مدى شعبية النقابة و تجدرها و غير ذلك من الكلام الذي تبخر، خلال العديد من المحطات الأخيرة حيث تم تمرير العديد من القوانين التي أثخنت جراح الموظفين على سبيل المثال لا الحصر قانون التقاعد .

غذا فاتح ماي ستخلده الشغيلة في منازلها، نتمنى أن تتم أعادة النظر في هذه العيد الأممي وجعله مناسبة للاحتفال مع العمال، لأن مرحلة تمرير الخطابات السياسية، تجاوزتها الأحداث التي بات العالم يعرفها و خصوصا المغرب.

مباشرة بعد الهجوم على العمل النقابي، في وقت بدأ الوزير المخلوع يستعرض عضلاته، ذات 20 يونيو 1981، وما تلاها من اعتقالات و نفي زعماء سياسيين، و الجهاز على الحق في الإضراب، أصبح الهم الأساسي هو مواجهة المد البصروي، و انخرطت القيادات السياسية في التعبئة لمواجهة الوزير المخلوع و زبانيته من خلال جميع الهيئات و الإطارات الديمقراطية لمدة تسع سنوات.

مع مطلع سنة 1990 و من خلال تحالف نقابتي الكونفدرالية الديمقراطية للشغل و الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، كان موعد مع الإضراب العام خلال أبريل 1990، لكن تم تأجيله بعد مبادرة المعارضة الديمقراطية بالبرلمان على تقديم ملتمس الرقابة، ليؤجل الإضراب إلى 14 دجنبر من السنة ذاتها، ليكشر النظام على النيابه و يطلق الرصاص على المتظاهرين بفاس، فضلا عن استعمال العنف بالشارع بالعديد من المدن.

طرح الموضوع بالبرلمان ، و انبرى الزعيم الشيوعي للقول إن الإضراب سياسي، في الوقت الذي اتحد نواب الاستقلال و الاتحاد الاشتراكي و المنظمة في شخص بنسعيد إلى التنديد باستعمال العنف، مما أسفر عن تشكيل لجنة الحقائق، ليبادر الحسن الثاني الي تكوين المجلس الوطني للشباب و المستقبل، عهد إلى رئاسته إلى الاتحادي الحبيب المالكي.

بعد هذه المرحلة التي أعادت الشرعية الإضراب محق دستوري، انطلقت النقابات المنضوية تحت لواء المركزيتين في خوض العديد من الاضرابات القطاعية، قبل أن يتم اعتقال الأموي بعد تصريح صحافي ، لتنذاق محاكمه و محاكمة مدراء الجرائد الوطنية، مسار من المواجهات بين النظام و الكتلة الديمقراطية و المركزيتين، و المطالبة بتغيير الدستور، الأمر الذي استجاب له النظام، لكن الأحزاب الاربعة :حزب الاستقلال ، الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ومنظمة العمل الديمقراطي الشعبي، رفضت المشاركة في الوقت الذي قبل التقدم و الاشتراكية المشاركة و التصويت على دستور 92 ، وهي أول مناسبة واجهت الكتلة التي تم تشكيلها من طرف الأحزاب الخمسة.

لتأتي الانتخابات الجماعية لشتنبر 92 التي انفردت المنظمة بعدم المشاركة فيها، و بعدها الاستحقاقات التشريعية، التي تميزت بلائحة الوحدة بين الاستقلال و الاتحاد و فوزهما بالاغلبية مع التقدم و الاشتراكية و مقعدي المنظمة، الا ان النظام عمل على إفساد المرحلة الثانية الخاصة بالانتخالات غير المباشرة ، مما جعل عبد الرحمان اليوسفي يغادر المغرب احتجاجا على تدخل الإدارة في الانتخابات.

مسار شاق و طويل عرفته الساحة السياسية و النقابية ، توج بتشكيل حكومة التناوب التوافقي، التي شرعت في وضع القطار في السكة رغم العديد من الاكراهات، و التجاوزات لبعض الوزراء، لتأتي وفاة الحسن الثاني، و تنصيب محمد السادس الذي سمي في البداية ” ملك الفقراء ” و الذي تميزت السنوات الأولى من حكمه بزيارة العديد من المدن المغربية و إطلاق العديد من الأوراش، الا ان الانتخابات التشريعية لسنة 2003 و التي افرزت فوز الاتحاد الاشتراكي بالمرتبة الأولى متبوعا بحزب الاستقلال، وفي الوقت الذي كان من المنتظر تعيين اليوسفي ، لولاية ثانية، يتم تعيين جطو خارج المنهجية الديمقراطية، الأمر الذي لم يصرح به اليوسفي الا بعد انصرام ازيد من سنة في الوقت الذي سارع الاتحاديون إلى الموافقة على المشاركة في حكومة جطو، بدعوى استكمال الأوراش، الأمر اب ي انعكس على حزب القوات الشعبية، حيث انسحب اليوسفي من مهمة الكتابة الأولى ليخلفه تليازغي الذي لم يعمر طويلا ليتعمق جرح هذا الحزب الذي غادره الأموي و ” شعبو ” و جمعية الوفاء للديمقراطية ، التي كان اغلب أعضائها بالشبيبة الاتحادية على عهد محمد السياسي الذي شكلت لمدة طويلة شوكة في حلق النظام و قيادة الحزب منذ التصويت على دستور 1996 الذي خلف انقسام منظمة العمل الديمقراطي، كلها عوامل ساهمت في تقوية حزب  بنكيران و من معه، خصوصا بعد فضائح حكومة الفاسي، و تأسيس حزب الهمة صديق الملك.

الأمر الذي أدى إلى أحداث 20 فبراير ، و الانخراط في الربيع العربي الذي انطلق من تونس، توجت بدستور فتح يوليوز 2011 و انتخابات سابقة لأوانها مكنت بنكيران من مهمة رئاسة الحكومة، و بعده العثماني و بعدهما جائحة كورونا الله يحفظ.