في مشهد يختزل العشوائية والاستخفاف بجمالية المدينة، أقدم صاحب محل تجاري بمنطقة أبواب مراكش الضحى على خطوة غريبة، حيث قرر من تلقاء نفسه صباغة ممر للراجلين غير موجود أصلًا، ثم أتبعه ببناء مطب إسمنتي على هواه، دون أي سند قانوني أو تقني.
الأدهى من ذلك، أنه استعان في تنفيذ هذه “المهمة” بشخص اشتهر بالمنطقة بإنجاز الأشغال العشوائية، شخص لا علاقة له بالتقنيات ولا بالقوانين، لكنه يجد لنفسه موطئ قدم في مثل هذه الخروقات، وهو ما يزيد من خطورة ما حصل، ويعكس مستوى التسيب الذي بات يطبع بعض السلوكيات الفردية، خاصة حين يغيب الوعي بالمصلحة العامة.
هذه الواقعة لم تحصل في منطقة نائية أو مهجورة، بل بخطوات قليلة من المكتب الصحي البلدي، في قلب حي يعرف حركة يومية دؤوبة، ما يجعل من هذا الفعل تحديًا صارخًا للذوق العام وللمنطق الحضري السليم. صحيح أن الأمر وقع يوم الأحد، حيث تغيب المصالح الجماعية والإدارية، إلا أن اختيار هذا التوقيت بالضبط يكشف نية مسبقة في استغلال الظرف وفرض الأمر الواقع.
إن مثل هذه السلوكيات لا تسيء فقط لجمالية الحي، بل تعبّر عن ثقافة فردانية خطيرة تتجاوز القانون وتنصب الشخص مكان المؤسسات، وهي ثقافة، إن لم يتم الحد من انتشارها، ستفضي حتمًا إلى تشويه الفضاء العام وضرب كل مقومات التنظيم والعيش المشترك.
إنها ليست مسؤولية السلطة وحدها، بل مسؤولية الجميع في الانتصار لقيم النظام، واحترام المساطر، وعدم التساهل مع من يختارون “شرع اليد” طريقًا لتحقيق أغراضهم. فمراكش، بكل رمزيتها ومكانتها، لا تستحق أن تكون مسرحًا لهواة الفوضى وأعداء التنظيم.