آخر الأخبار

صحة المواطن بين أكاذيب المؤثرين وغياب الرقابة

في زمن التواصل السريع والانبهار بكل ما يُعرض على الشاشات الصغيرة، انتقلت “الوصفات التقليدية” من رفوف النسيان إلى واجهة مواقع التواصل الاجتماعي، محمولة على وعود براقة مثل: “نتيجة مضمونة”، “منتج طبيعي 100%”، وعبارات حاسمة تبدأ غالبًا بالقسم: “أقسم بالله أنها مجربة وفعالة”.

هكذا، أصبح المواطن البسيط عرضة لسيل من النصائح الطبية غير المؤطرة، يُقدمها أشخاص لا علاقة لهم بالعلم أو الطب، ويستغلون الثقة الزائفة التي يخلقها مظهرهم أو طريقتهم في الحديث. وصفات تُخلط في مطابخ المنازل، وتُعبأ في علب لا تحمل ترخيصًا، وتُرسل للزبون مرفوقة بوهم الشفاء.

تكمن الخطورة ليس فقط في غياب المراقبة أو انعدام التكوين لدى هؤلاء “المؤثرين”، بل في تأثيرهم العميق على قرارات الناس الصحية. فالعديد من المواطنين يؤجلون زيارة الطبيب، أو يوقفون علاجًا مثبتًا علميًا، فقط لأنهم شاهدوا فيديو أو قرأوا تعليقًا يُروج لحلّ سحري بثمن زهيد أو منتج منزلي.

واقع الأمر أن هذه الظاهرة تشكل خطرًا حقيقيًا على الصحة العامة. منتجات مجهولة التركيبة، ووصفات قد تُسبب التسمم أو مضاعفات خطيرة، تُباع يوميًا بدون أي تدخل من الجهات المختصة. بل إن بعضها يتم الترويج له على صفحات يتابعها الآلاف، دون أن تطالها يد الرقابة.

المطلوب اليوم رقابة صارمة على ما يُنشر، وتتبع دقيق للمحتوى الذي يهدد الصحة العامة. كما يجب تعزيز الوعي الصحي لدى المواطنين عبر حملات منظمة، ومحتوى رقمي بديل ومبني على أسس علمية، يكون في متناول الجميع.

صحة المواطن لا تُختبر في فيديوهات قصيرة، ولا تُباع في قنينات مجهولة. إنها مسؤولية يجب أن تُحاط بالعقل،