تعتبر صناعة الخزف بمدينة آسفي، التي امتد اشعاعها على المستوى الوطني والدولي، تراثا ثقافيا يعكس مدى قدرة الصانع التقليدي وحسه الابداعي على خلق تحف فنية رائعة وجميلة مكنت من استهواء زوار المدينة المغاربة والأجانب .
وبالنظر الى المكانة التي يحتلها هذا القطاع بمدينة آسفي على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، فقد تم سنة 1920 تصنيف تل الفخارين، وهو الموطن الأول لصناعة الفخار بهذه المدينة، ضمن المآثر التاريخية لآسفي، حيث يعد منذ بداية القرن 20 المحج البارز والرئيسي لسياح وزوار هذه المنطقة، علاوة على تواجد بالقرب منه، سوق الفخارين وهو بمثابة معرض دائم للمنتجات الخزفية.
وفي هذا السياق، أصبحت صناعة الفخار والخزف بالمدينة، التي تعتبر تراثا ثقافيا، من أهم القطاعات السوسيو اقتصادية النشيطة التي ترتكز عليها الحركة الاقتصادية بالمنطقة، إذ يشغل 1176 صانعا خزفيا بصفة قارة و680 عاملا بصفة موسمية، الذين يمارسون حرفهم ب 212 ورشة.
وحسب إحصائيات لمندوبية الصناعة التقليدية بآسفي، فإن عدد ورشات انتاج الفخار والخزف بتل الخزف بلغت 42 ورشة، التي توفر 400 منصب شغل قار و200 بصفة موسمية والمجهزة ب 28 فرنا غازيا وحوالي 40 فرنا تقليديا.
في المقابل تشغل “هضبة الشعبة” وهي تجمع محادي لمجرى وادي الشعبة، ويقع على بعد كيلومتر واحد من تل الفخارين، 450 صانعا قارا و250 صانعا خزفيا بصفة موسمية يمارسون عملهم في 100 ورشة، فيما بلغ عدد الأفرنة الغازية بها 12 فرنا التي ينضاف إليها 50 آخرا تقليديا .
وتتمركز صناعة الخزف والفخار في عدة مناطق بإقليم آسفي، كطريق دار سي عيسى الذي يتواجد به ثمانى ورشات، تشغل 70 صانعا خزفيا بصفة قارة و30 بصفة موسمية، وجماعة الصعادلة ( 48 ورشة تشغل 156 بصفة رسمية و177 بصفة موسمية)، وطريق مراكش ( 10 ورشات تشغل 80 صانعا بصفة قارة و 20 بصفة موسمية).
كما تنشط بعض المناطق في صناعة الفخار والقرميد خاصة بالجماعة القروية للصعادلة،علما أن صناعة القرميد يعتبر جزء من الطابع المعماري المغربي الأصيل، خيث تتوفر آسفي في هذا الإطار على 48 ورشة لصناعة القرميد التي تشغل 343 عاملا في حين يبلغ عدد الأفرنة المستعملة في هذا المجال 73 فرنا تقليديا .
وفي هذا السياق، أكد رئيس مصلحة دعم حرف الصناعة التقليدية بمندوبية الصناعة التقليدية بآسفي عبد الرحيم بن الزيدية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هناك عدة عوامل ساهمت في جعل آسفي عاصمة الخزف، منها توفر الإقليم على مخزون هام واستراتيجي لمادة الطين بجودة عالية، ويد عاملة مؤهلة، مشيرا الى أن هذه العوامل كلها ساهمت في إبراز الموروث الثقافي والسياحي والحضاري لآسفي لتصبح بذلك الصناعة الحرفية للفخار والخزف تشكل الدعامة الأساسية لقطاع الصناعة التقليدية بالإقليم .
ومن جهته، أبرز محافظ المتحف الوطني للخزف بآسفي سعيد شمسي في تصريح مماثل، أن المتحف الجديد جاء في إطار برنامج إعادة تأهيل المتاحف بالمغرب وجعلها أكثر جاذبية بما يتماشى مع معايير صون التراث والحفاظ عليه، مضيفا أن هذا المتحف يضم قطعا أثرية وتراثية جد مهمة، مرتبة ترتيبا كرونولوجيا من الحقبة القديمة ما قبل الإسلام إلى الحقبة الحديثة، حيث تعود أقدم قطعة بالمتحف إلى فترة ما قبل التاريخ (حوالى 3800 سنة ق م).
كما يضم المتحف جناحا خاصا بالفترة الوسيطية به قطعا ذات طابع مغربي أندلسي، بالإضافة الى احتوائه على أروقة خاصة بأواني خزفية من عدة مدن مغربية.