صوتو على الشعراء
و أنا، كأي مواطن غبي، أستعرض أسماء من فاز ومن سقط ومن فوَّزوه ومن ٱسقطوه، من محترفي النّصب السياسي و أرباب مافيات العقار والسماسرة الكبار و أذناب البشر و مسامير الموائد الدّسمة… فجأة، عثرت على شاعر، نعم شاعر. توقفت ، كنبّاش مزابل، لمح شيئا يلمع بين الأنقاض المتعفّنة… شاعر، يقول الشعر و يمشي في الأسواق، وينظمون لدواوينه حفلات توقيع مؤنثة… حتما سيصوت عليه القراء و الشعراء الناشئون و المعجبون و المعجبات بصوته الشعري… لكنهم، كما أعلم، أقلية نادرة و تكاد تكون مفقودة في هذه المدينة. لا أحد يقرأ و لا أحد يحب الشعر أكثر من الخبز، منذ أن مات درويش و عبد الله راجع و احمد المجاطي … وقبلهم شوقي و مطران و جبران… وغيرهم… ممن جَبُّوا من بعدهم، لا من قبلهم، إلا من رحم ربّك أبولو… أو أجازه مبارك وساط أو الثنائي أحمد بوزفور و وساط عبد القادر…
سيقول الشعر في المجلس البلدي وسيعارض قصيدة شاعر الحمراء التي لا ندري لماذا اصروا على أن نحفظها ونستعرضها ونحن اطفال… وسيتغنى بمشاريع التنمية البشرية المستدامة. و حتما سيعلّق على صدره إشارة التضامن مع الحاجَّة… تلك العجوز التي لا أحد يعرف اسمها ولا عنوانها، وطبعا سيكون من مهامه الحث على جمع الأزبال و تنظيف المجاري و القيام بمهام البصم على شهادات حياة و ممات المواطنين… بالإضافة إلى هواية زرع الورود… ولن يكون شبيها بالمعتمد بن عبّاد و لا بالشاعر نيرودا، أبدا… و سيدخل
في متاهات بحور الشعر و أمواجه، لن يتساهل مع العلل و الزحافات و عيوب القوافي ولن يتنازل عن قانون ما يجوز له و لا يجوز لغيره من الضرائر… ومع ذلك، بإمكانه أن يُخرج شعراء الظل من الظل، و أن يرفض قناع السلطة المقيت و مناصبها الملغومة وقد يفرض قصائده على برامج وزارة التعليم… بل سيحدثنا كثيرا عن طيب مذاق العسل…
صوتو على الشعراء…
محمد عزيز المصباحي / الجديدة