أمينة قالة
احتفى العالم قبل أسابيع باليوم العالمي للمرأة الموافق للثامن من شهر مارس من كل سنة، وكان هذا اليوم فرصة سانحة للإشادة بما حققته المرأة المغربية من إنجازات استطاعت من خلالها تسطير اسمها بكل فخر واعتزاز ضمن خانة العظماء، لكن قنواتنا التلفزيونية أبت اليوم، إلا أن تحتفي بنسوة دون غيرهن في إنتاجاتها، فالمشاهد والمتتبع المغربي يستطيع الجزم بأن أغلبها يكرس صوة المرأة المبتذلة، المغلوبة على أمرها، كابنة المغنية الشعبية اللاهثة خلف سلم الثراء والغنى، أو ابنة كرست حياتها انتقاما لأمها، وأضحت قربانا لذلك بزواجها من كهل، بل وسجينات أضحين بطلات يستجدين عطف المشاهد المغربي بسبب ظروفهن، بينما تمة نماذج لسجينات استطعن الاندماج في المجتمع بفضل تفوقهن علميا ومهنيا بين قضبان السجن ، ألا تليق بهن البطولة؟ وتارة أخرى صورة لزوجين شابين، يئنان تحت سياط فقر نسج حبكة العمل، وخولّ للزوجة تعنيف زوجها لفظيا، وقد يصل الأمر للعنف الجسدي، وهي تلوح بأدوات المطبخ في يدها، لتستدر قنواتنا المشاهدات، غيبت المودة والرحمة بين الزوجين، كما ألفناها مع أجدادنا، وآبائنا، وقد تصبح هذه الحالة الشاذة اليوم هي الشائعة غدا ، إنهن نسوة عركتهن الحياة وعركنها، وعشن على حواف المجتمع، لكن تقديمهن بتلك الصورة الإيجابية من شأنه الإسهام في تهدم قيم المجتمع المغربي، وإذا كان الإبداع مرآة عاكسة للمجتمع، هل خلا المجتمع المغربي من نماذج تقتدي بهن بناتنا؟
ربة البيت ، والقاضية ، وسيدة الأعمال، والمحامية ، والطبيبة، والممرضة، ومربيات الأجيال من الأستاذات.. ، اللواتي أسرن في صورة القسم 8 دون غيره، غابت القدوة عن قنواتنا ، كما استساغ بعض مؤلفو الكتب تغيب المرأة القدوة عن كتبنا المدرسية من الشواعر، والروائيات..، والانطلاق من نص لإحداهن لا يعدو مجرد فلتة من الفلتات، كأن الإبداع ذكوري صرف، إنّ صبيب القيم في مجتمعنا المغربي ينحدر باستمرار، فحريّ بكتاب السيناريوهات ، وقنواتنا التلفزيونية إعادة النظر في صورة المرأة المبتذلة التي تبث، على قنواتنا ، لعلهم يلبون طلب شرذمة من المشاهدين، ألفوا الفضائح على منصات التواصل الاجتماعي، لكن المغاربة يتشوفون لفن راق، يهذب الذوق الإنساني، ويشذبه، ويرتقى إليه وبه الناس، كفانا من بطلات يخضعن للظروف الاجتماعية، ولا يخضعنها بالعلم والعمل، ، فيقفن على ناصية الحلم، ويقاتلن، ليجدن موضع قدم لهن في المجتمع، كفانا من تسويق صورة المرأة المسكينة الدونية المادية ، وقصص كفاح النساء المغربيات الواقعة لا الورقية، تعج بهن البيوت المغربية، فلنرمم قيمنا الأصيلة من خلال فن هادف ، يعيد للمغربية صورتها المتوهجة الراقية النموذجية المكافحة العظيمة في أعمالنا التلفزيونية، لعله يسهم في إجهاض نظام التفاهة على مواقع التواصل الاجتماعي.