آخر الأخبار

حقوق الإنسان عزيزة و حقوق النساء أعز

الحركة النسائية تراث يمتد في أعماق المغرب

من الظواهر الطيبة والايجابية التي نشهدها هذه الأيام هي تعدد الأصوات المطالبة بالمحاكمة العادلة للصحافي توفيق بوعشرين، وهي بوادر ايجابية لأنها ثمرة الوعي بأهمية الدفاع عن حقوق الإنسان، واستقلال القضاء، ولأنها تعكس إصرارا على رفض كل ما له صلة بالمساهمة في تكريس الظلم والمس بالكرامة الإنسانية. ولكن الشيء غير الطيب وغير الايجابي أن العديد من المواقف والتصريحات تفتقر إلى الموقف النقدي الشجاع الذي لا يهادن، ولا يخشى في الحقيقة والحق لومة لائم أو لئيم.

لقد وجدت في التبريرات التي تقدم بها أبو بكر الجامعي تكرارا لما يجتره مناهضو حقوق النساء وتحت مسميات مختلفة تفتش بالمجهر عن كل ما من شأنه أن يسيء إلى حركة حقوق النساء ولقد فهمت إن لم أكن مخطئة من كلام الجامعي أن الحقوق السياسية أولوية وحقوق النساء ليست سوى ذريعة للاعتداء على الرجال وأن حقوق النساء أقل قيمة من الحقوق الأخرى
والأمر الملفت للنظر في تحليلات وتعليقات وتصريحات المدافعات والمدافعين عن بوعشرين هو ذاك التبسيط لأبعاد ونتائج القضية المطروحة أمام القضاء، مع محاولة إعطاء هذه الأبعاد وجهة نظر بعيدة عن الحقائق الأساسية.

وقد ظهر ذلك جليا فيما قاله أبو بكر الجامعي حين صرح بأن الأنظمة الاستبدادية تستعمل ورقة حماية النساء لإسكات الأصوات الحرة، وأضاف أن الأنظمة تحاول أن تبرر للرأي العام بأنها تدافع عن حقوق المرأة في الوقت الذي تهمل الحقوق السياسية. ولم يكفه هذا الطرح البئيس بل تساءل مستنكرا : أين الجمعيات النسائية والحقوقية لما تم تصوير صديقة الصحفي هشام المنصوري؟
لقد وجدت في التبريرات التي تقدم بها السيد أبو بكر الجامعي تكرارا لما يجتره مناهضو حقوق النساء وتحت مسميات مختلفة، تفتش بالمجهر عن كل ما من شأنه أن يسيء إلى حركة حقوق النساء. ولقد فهمت، إن لم أكن مخطئة، من كلام السيد الجامعي أن الحقوق السياسية أولوية وحقوق النساء ليست سوى ذريعة للاعتداء على الرجال، وأن حقوق النساء أقل قيمة من الحقوق الأخرى.

ولا أدري صراحة كيف يقرن بين حبس بوعشرين والهجوم على الجمعيات النسائية، ولا لماذا تعامل هو وغيره مع حدث الاعتقال وكأنه موجه ضد النضال في وجه التحكم والفساد والاستبداد ، وليس ضد شخص لا علاقة له باستغلال النفوذ، والاغتصاب ، والتحرش الجنسي .
في الحقيقة هناك مسألة تحيرني وتحير الكثيرات مثلي، لماذا أولت ندوة الرباط كل هذا الاهتمام في قضية بوعشرين بالحديث عن حقه – و أنا لست ضد الحقيقة والحق – بينما تجاهل المنظمون حق الضحايا. وإذا ما انتقلنا إلى حقوق الضحايا، لنا أيضا أن نتساءل عن سبب الهجوم عليهن وإظهارهن وكأنهن هن سبب الانتهاكات الجسيمة التي تعاني منها حقوق الإنسان بالمغرب.

وإذا ما انتقلنا إلى الجمعيات النسائية، فمن حقنا أن نتساءل عن أسباب الهجوم عليها واتهامها، مع أنها لم تدر ظهرها أبدا لحقوق الإنسان، وإنما ظلت حاضرة في كل المحطات النضالية.
أطرح هذه التساؤلات لأننا بمناسبة وبدون مناسبة نسمع دائما : ماذا تريد النساء؟ ولمن يشتغلن؟ ولصالح من هذه الدعوات إلى المساواة بين الجنسين ؟ وماذا يقدمن للشعب المغربي الذي يعاني من كذا وكذا …؟ وتبدأ المعارك الكلامية، ويعلو دخانها، ويغطي على المواقف الحقيقية لأعداء حقوق الإنسان، كما يغطي على صوت العقل والمنطق.
لكل هؤلاء نقول الجمعيات النسائية التقدمية ليست موقفا جماليا وليست ترفا ولا ترفيها وليست ديكورا تزين به الدولة وجهها في المحافل والمنتديات الدولية والمناضلات النسائيات لسن عارضات ولا طارئات وإن لفي الحركة النسائية تراثا يمتد في أعماق المغرب وفي أعماق التاريخ وأنها لهي الوهج الذي تختزنه الجمرة.

ثريا الثناني