إدريس المغلشي
طالق السلوݣية لفظة اعتاد المغاربة على تداولها لتوصيف حالة من لايضبط كلامه بما يوافق الواقع وهي نعث للمبالغة في القول الزائد عن الحد دون ضابط ولارادع. مما يدفع صاحبه للاسترسال فيه رغم علمه بأن قوله منافي للحقيقة . عادة حين نكثر من الوعود في سياق اجتماع مسؤول بدون ضابط فالوضعية تحتمل بعدين أساسين لاثالث لهما : اولهما ان المصرح لاعلم له بواقع الحال ولا باكراهاته ومشاكله ولم يدرس قط حالة المجال بما يكفي لتتشكل لديه صورة حقيقية وشبه نهائية عن الموضوع. ثانيهما ان المسؤول استأنس بالزمان والمكان ولم يعد بمقدوره ضبط سياق الحديث والالتزام فأطلق الكلام على عواهنه بلا فرامل ولا حدود وهو امر يعطي الانطباع أنه فاقد للكفاءة والشعور بالمسؤولية .ويعتبر تحقيرا صريحا لمن يجلسون امامه ومن يمثلون .
في هذا السياق يحضرني نموذج واضح يجسد هذا القول . استقبل مسؤول في أول لقاء له بعد تنصيبه الحضور لوحده وهي إشارة على انه قادر على تدبير أول نقاش بمفرده دون الحاجة لمساعد وتلك فرضية كذبتها الوقائع.استرسل في الكلام بعدالتحية للحضور بمايفوق 55 دقيقة دون توقف حتى اشفقنا عليه وتبين أنه اراد ان يفرغ كل مافي جعبته محاولا اقناع الجميع وهي غاية لا تدرك وليس في المتناول . فالمثال يقول “خير الكلام ماقل ودل ” فحين تكثر من الكلام فهذا دليل على انك لازلت غير مقتنع بطرحك فكيف سيحصل الاقتناع لدى الطرف الآخر .في مدة التدخل اشار إلى 34 إجراء استطاع ان يطورها إلى مقترح مشاريع فاحترمت فيه التدقيق في العدد لكن حين سألته عن هذا الكم وتلك الدقة تبين أنه غير مستوعب فعلا للأرقام بل حتى ترتيبها كان عبثيا دون تنظيم .فوجدنا انفسنا جميعا امام اشكاليتين: الأولى كيف سنعيد ترتيب المشاريع بشكل يحترم منطقا معينا ؟ ثانيا كيف سيتم برمجتها مع مدة مسؤوليته إن لم يتم اعفاؤه قبل انتهائها ؟
أمام هذين السؤالين تاه النقاش ولم يستطع صاحبنا الوقوف على جواب يشفي الغليل ووجدنا انفسنا أمام صورة كاركاتورية لمسؤول أخذته نشوة الحديث فاسترسل في كلام لايعلم له اولا من آخر .ولم يجل بخاطره أنني وثقت عليه محاور مداخلته بالتفصيل الممل . وكأننا اخضعناها ل”سكانير”فلم يستوعب المشهد وبدا تائها في لحظة نقاش أخذ منه حصة الأسد لكن لم يعلم أن الكلام مقيد بالتطبيق (ماشي جيب يافم وݣول ) تراجعه في النقاش عن بعض الوعود كشف محدودية قدراته مستفزا لكفاءته . مثل هذه النماذج من المسؤولين نسميه بالواضح “طالق السلوݣية” وهم للاسف في وطني كثر لا يحترمون مواقعهم كما لا يحترمون عقول الآخرين .