آخر الأخبار

طبّالة السياسيين في مراكش… حين يُباع الضمير بحفنة دراهم

في الوقت الذي تعاني فيه مراكش من اختلالات واضحة في تدبير شؤونها اليومية، من بنية تحتية متدهورة، وخدمات عمومية غير كافية، وواقع اجتماعي مرير يتخبط فيه المواطن البسيط، يظهر على السطح صوت آخر… صوت طبّالة السياسيين. أولئك الذين لا يترددون في تزيين الواقع القبيح بكلمات منمّقة، وتقديم تبريرات واهية لفشل ذريع، فقط حفاظًا على مصالحهم الضيقة.

هم ذاتهم الذين يعرفون جيّدًا أن السياسات المتبعة لا تخدم الساكنة، بل تخدم جيوب قلة قليلة انتفخت على حساب مدينة أنهكها التهميش. ومع ذلك، لا يجدون حرجًا في التطبيل لإنجازات وهمية، أو تلميع وجوه مسؤولة عن الوضع، وكأن المراكشيين لا يملكون ذاكرة أو بصيرة.

والمفارقة الصادمة أن أغلب هؤلاء لا يمتون بصلة حقيقية لمراكش، لا جذورًا ولا انتماءً. جاؤوا إليها ضمن زوبعة عصفت بها رياح الهجرة القروية، واستقروا في دواليب السياسة والبيروقراطية كطفيليات تبحث عن مكاسب سريعة في مدينة فتحت ذراعيها للجميع، لكن لم تحظَ من بعضهم سوى بالجحود وسوء التدبير. فهم لا يعرفون تاريخ مراكش، ولا أزقتها، ولا نبض أهلها، ومع ذلك يتصدرون المشهد ويوزعون المواقف وكأنهم أوصياء على المدينة.

لقد صار واضحًا أن بعض هؤلاء لا همّ لهم سوى الحفاظ على مواقعهم، ولو كلّفهم الأمر التماهي مع الفساد، وتبرير كل قرار يخدم المستفيدين في الخفاء. يدافعون عن قرارات يعرفون جيدًا أنها لا تخدم الصالح العام، ويهاجمون كل صوت حرّ يجرؤ على فضح المستور.

إنهم لا يمثلون مراكش، ولا يعكسون نبض أهلها. هم مجرد صدى لسلطة تعودت أن تشتري الولاء، وتكافئ الخنوع، بينما المواطن البسيط ينتظر إصلاح شارع مظلم، أو مستوصف مهجور، أو مدرسة تُنقذ أبناءه من الهدر.

وفي الختام، نقول لهؤلاء:
كفى لعبًا بمشاعر الساكنة، وكفى تملقًا لمن استغلوا المدينة واستنزفوا مواردها باسم مشاريع وهمية أو تنمية مغشوشة. تعرفون من يعبث بالقرارات، ومن يوقع في الخفاء على صفقات لا يعلم بها أحد، ومع ذلك تصرون على لعب دور الشهود المزيفين.

مراكش ليست غنيمة، ولا بقعة عقارية للتفويت، ولا واجهة انتخابية. مراكش مدينة لها ذاكرة، وتاريخ، وكرامة… ومن يتاجر بها اليوم، سيسقط غدًا في أعين من يصفقون له اليوم.