الحقيقة المرة التي أصبحنا نعاينها ، حتى لا نغتر بكثرة ” الماكياج ” لأن كثير من الأمثلة الدارجة على لساننا بليغة فقد قيل ” الزواق يطير ولو من القصدير ” كل الإدانة لمنعدمي الضمير ،الذين باعوا ضمائرهم كما تباع الملابس المستعملة في “جوطية ” بحي هامشي. الوضع مقلق والأحداث تتوالى بدون توقف تثير فينا كثير من الأسئلة دون أن تترك لنا مسافة للتأمل. لاتبحثوا عن أسباب توحش وانحلال المجتمع خارج أسوار المدرسة . مهما بلغ بنا الإنفعال والغضب إثر الحادث الشنيع الذي وقع في شمال المغرب وهي صورة ربما استأثرت باهتمام وتعاطف الجميع لمأساويتها ووحشيتها لكنها ليست الوحيدة التي قد تقع فهناك اغتصابات أخرى كثيرة ومتعددة تقع في مناحي الحياة دون تدخل. لأننا فرطنا في رأسمال قيمي كان على الأقل يتحكم في سلوكاتنا. ويقلل من كل هذه الإنحرافات، كانت إلى عهد قريب كل مكونات المجتمع تتدخل في الوقت المناسب : الحومة ،الدرب ،الإعلام ، رموز سياسية وثقافية أقارب وقس على ذلك. الآن لانختلف حول هذه التحولات التي عرفها المجتمع الذي انتقل من العائلة الممتدة إلى النواة الصغيرة وغيرها من التغيرات التي حكمت معيشنا اليومي دون أن يواكبها هذا الإعلام المتخلف الذي يجر وراءه خيبات وينشر ثقافة العلب الليلية والإنحراف ، انتكاسات لسنوات عدة دون أن نوقف النزيف ، ومدرسة تكالبت عليها عوامل متعددة أفسدت عمقها الفكري ودورها الريادي.
بقدر ما أبكتنا صورة الطفولة المقهورة في بلدنا السعيد وانتفضنا جميعا مطالبين بالقصاص فلن نحد من إشكالاتنا السوسيولوجية. نحتاج لوقفة حقيقية ومسؤولة تسلط الضوء على هذه الظواهر المقلقة بنوع من المكاشفة والشفافية والجرأة.نحتاج كما لاحظ رفيقي ونحن نقرأسويا عنوانا بالبند العريض لقضية عدنان التي إستأثرت باهتمام الرأي العام الداخلي والخارجي.
# إلى مراجعة سلوكات مسؤولينا على جميع الأصعدة سياسيا وفي جميع المجالات لتصبح أكثر وطنية ورسالية.
#تطهير الإعلام من الزوائد والإنحرافات ليصبح آلية للتثقيف والتوعية وتحترم مشاعر المواطنين في كل المناسبات وتستجيب لها عوض الشطيح والرديح.
#محاسبة المسؤولين الفسدة وترتيب الجزاءات وفضحهم ليكونوا عبرة لمن سواهم.
# ترسيخ قيم المواطنة والترويج للنجاحات ذات أبعاد إنسانية. وإشاعة ثقافة التسامح.
#الإبتعاد عن صور العنف وعدم إشاعة ثقافة الإنحلال والصعلكة والبلطجة.
كل هذه النماذج وغيرها كفيلة بتأطير المواطن مع
تبني سياسات ذات بعد إجتماعي ترفع من كرامة المواطن والإبتعاد عن ثقافة الآحسان والتسول والتواكل وتشجيع الكفاءات والمشاريع الذاتية المذرة للدخل والتي ترسخ ثقافة الإعتماد على النفس ، كما تقتضي المرحلة ترسيخ ثقافة ديمقراطية تحارب الريع والفساد وإسقاط الأحزاب الفاشلة التي تبيع الوهم وتتاجر بهموم الناس من أجل تحقيق مكاسب ذاتية.
ربما من يقرأ هذه الفقرات يعتقد أنها مطالب تأتي على شكل بيان ،اعبرها كيفما شئت المهم هي شروط اعتبرها أساسية لتحقيق نقلة نوعية كفيلة بمعالجة كل التمظهرات المشينة التي تظهر كنوبات صرع نعالجها بمسكن ثم نعود لحياة نعتقد أنها طبيعية لكنها تبقى في نظري إنما هي حالة سكون يسبق العاصفة ، ألم تحدث وقائع شبيهة بما نعيشه الآن وتطرح علينا سؤال :ماهو المجهود الذي قمنا به بعد ظهور مثل هذه الوقائع حتى لا تتكرر ؟
لعل صورة المدير بطنجة والدم يغطي وجهه حادث يدين كل مسؤول معني بهذا القطاع ، الأم التي هاجمت الأستاذ ماذا ننتظر من أبنائها وهم يشاهدون هذه الصور ؟
أما ما يتعلق بالهجوم على هيئة التدريس ومحاولة اغتصاب أستاذات أزيلال فهذه وضعية أخرى تسائلنا كيف أصبحت المناطق الأكثر محافظة على الأخلاق بؤرة للإنحراف كما أتساءل كيف تدبر الإدارة ملف التعيينات بوضع ست أستاذات في الخلاء دون حارس وفي غياب كل الضمانات؟
أمام واقع مر وحقيقة لايمكن الإلتفاف عليها أتساءل :
أين سيادة الوزير الذي أطلق العنان لتصريحاته العنترية المعاكسة للواقع منذ بداية الموسم وحطم أرقام المتابعة والمشاهدة حتى أصبح نجم الشاشة بامتياز ، وكأنه في “وجبة تبوريدة ” فمادامت سيادته مولعة بهذا النوع من النشاط ، يظهر جليا أنه جاء لكي “يتبورد علينا ” وعلى أصوات الإحتجاج التي خبت وخفت صوتها ووثيرتها ولم نعد نسمع له ركزا.
ذ ادريس المغلشي.