َلو كان عباس صلادي اوروبيا لاعتبر من رواد السوريالية بامتياز ولتم تخليده في حوليات الابداع التشكيلي المسكون بهاجس اختراق اللامرئي وخلق كائنات تشبه ولا تشبه الكائنات التي نراها بعين مجردة تخدعنا غالبا وتفرض علينا الانتقاء والتكرار المحكومين بوعي محنط. صلادي كان يرسم ما يفارق ذلك الوعي باطلاق العنان للاوعي والحلم والخيال المنفل وما تواطا القوم على اعتباره جنونا، يرسم ويطلق العنان لريشته لتبتدع الخطوط والاشكال والالوان كما لم يبدعها غيره. في بلد ليس للفن فيه تاريخ، اذ كان الرسم من المحرمات كما العجلة التي اعتبرت من الشيطان، وليس للعيون فيه تعود على الاستمتاع باللوحات او غيرها من الفنون البصرية ولم يتكون لدى نخبها دوق فني، رغم الاستظهار والمظاهر الخادعة والتشبه بالبورجوازيات الاوروبية استهلاكيا، لم يكن صلادي وغيره من الفنانين الذين ابدعوا حقا ليجدوا صدى. نحن في النهاية، ولنعترف بذلك في قرارة انفسنا على الاقل، لم نتجاوز بعد مرحلة البداوة و تحضرنا-تمدننا مشروع قيد النشوء وقابل للانتكاس كما تبين ذلك ليس فقط ردود الفعل الهوياتية الظلامية، بل وايضا حالة مدننا ونوع سلوكاتنا اليومية في هذه المدن غير المكتملة التطور والمفتوحة على البدونة باستمرار. التفاتة رائعة من الصديق العزيز والقلم المتحرر والمبدع دائما محمد المصباحي تستحق التعميم.
محمد نجيب كومينة