آخر الأخبار

عبد اللطيف المتوكل : الاعلام و الرياضة توأمان يكملان بعضهما

قال عبد اللطيف المتوكل رئيس الرابطة المغربية للصحافة الرياضية ، إن الرياضة والإعلام يكمل أحدهما الآخر، ولكل منهما فضل في وجود الآخر، واستمراره وبقائه وتطوره أو تراجعه.
واضاف المتوكل خلال الورشة الثانية للمؤتمر الاربعين لصحفيي الضفتين المنظم بتطوان ايام :  7,8,9 نونبر الجاري، أنهما اليوم، يكادان يكونان توأمين، لا يعرف لأحدهما ميزته إلا بحضور الآخر، وكل منهما يستشعر توأمه عن بعد، ويدرك حاجة الثاني إليه كي يعبر عن نفسه بقوة.
ولأنني صحافي رياضي، وخبرته الميدانية على مدار أكثر من عقدين من الزمن، فإنني أدرك جيدا، وعن وعي، قيمة الأدوار التي يتعين على هذا الفاعل أن يلعبها ليكون للرياضة مغزاها، وكي تؤدي هي الأخرى أدوارها.
ذلك أن الإعلام الرياضي لم يعد مجرد تابع ومراقب، بل صار شريكا وفاعلا أساسيا في التنمية الرياضية.
إن الإعلام الرياضي، الذي كان دوره محصورا، في وقت سابق، في تغطية الحدث الرياضي، والسهر على تبليغه كما هو، وربما التعليق عليه، وإبداء الرأي في أحواله، سرعان ما تحول إلى ممول للرياضة، ورقيب عليها، وصاحب دور نقدي كبير، يكاد يصل مستوى رياضة جديدة، هي النقد الرياضي.
ولأن الجماهير الرياضية، التي صارت على وعي كبير بقيمة التريض، وأصبح تتبعها في ازدياد، ويسهم في تنمية الخزينة الرياضية، وتطوير الرياضة، عموما، إنما هي نتاج للدور الإعلامي المتنامي، فإن هذا الأخير عرف لها فضلها عليه مثلما عرفت فضله عليها، فراح يعتبر خدمتها هدفا أساسيا، يؤديه دورا إلى جانب بقية الأدوار المضطلع بها لخدمة الرياضة.
وها هو التطور في مجال التكنولوجيا، بفعل الفورة الرقمية، يأتي ليعمق دور الإعلام الرياضي في خدمة الرياضة والجمهور الرياضي؛ هذا الثنائي الذي لا مناص منه لكل حركة رياضية، فيتضح بأن هذا يصب في مصلحة الرياضة، بما أتاح لها في آن واحد؛ من رصيد مالي خيالي، وجماهيرية لا تضاهى.
وفي المغرب، حيث يعاني الإعلام الرياضي إكراهات الهشاشة المؤسسية، التي تمس صلب المهنة، بحيث يجد الإعلامي نفسه مطوقا بأمانة الأدوار المنوطة به، ومحروما من الوسائل التي تسعفه في أداء المهام المفترضة فيه، سيما في ظل وجود فاعلين؛ من وزارة وصية ولجنة أولمبية وجامعات وأندية وفرق، لا يدركون حتى الآن قيمته، فإن يبقى مع ذلك مطالبا بأداء أدواره كاملة غير منقوصة، بحيث يسعى جهده كي يبقى في عصره، ويتفاعل مع الجماهير، ويطور الرياضة، ومن خلال ذلك يطور أداءه.
إنها عملية جدلية، كما تستنتجون، وستبقى كذلك، يشد فيها كل طرف غيره، ويجذبه، بالضرورة، نحو المزيد من التقدم، بحثا عن أفق أفضل للجميع، ورغم كل الإكراهات.
الإعلامي الرياضي وعلاقته بوسائل التواصل الاجتماعي.. وقفة للتأمل والحاجة إلى التخليق..
ينسى، أو يتناسى، بعض الإعلاميين الرياضيين، أنهم شخصيات عمومية، تماما، مثل تلك الشخصيات الأخرى التي يكتبون عنها، وتتحمل مسؤوليات في التسيير الرياضي، أو تحمل قميصا معينا لفريق معين. ومن هذا المنطلق، يظنون أنهم يتمتعون بالحرية الشخصية الكاملة، ويظهر ذلك، اليوم، وعلى وجه الخصوص في علاقتهم بوسائل التواصل الاجتماعي، وانجرارهم إلى تدوينات ومواقف متشنجة، ربما تجر عليهم الويلات، وتضعف ثقة العموم في مصداقيتهم.
إنه الواقع الذي يتعين علينا جميعا أن نتوقف عنده وقفة للتأمل، وأن نؤكد بأنه بحاجة إلى التخليق. فلم يعد ممكنا، اليوم، ونحن نعيش عصر تدفق المعلومات، وفورة الإنفوميديا، وغزو الرقمنة، والحضور الشخصي المكثف في العالم الافتراضي، أن نتعامى عن كوننا شخصيات عمومية، عليها واجب التحفظ، مثلما عليها واجب مراعاة أخلاقيات المهنة أكثر من أي وقت مضى.
فالإعلامي الرياضي مطالب بالحرص أكثر من غيره على دقة المعلومات، وحصافة الرأي، ومثالية الخلق، والتجرد من الانتماءات ما أمكنه ذلك، والوسطية في النقد، والإسهام في نشر الوعي والثقافة الرياضية، لا أن يكون مصدرا للنزاعات العصبية، وإذكاء النعرات الزائغة، ونشر الفتنة بالمعلومات الزائفة.
علينا، نحن معشر الإعلاميين المهتمين بالشأن الرياضي، أن نعي جيدا طبيعة ونوعية المسؤولية الملقاة على عاتقنا إزاء ما يراد من وسائل التواصل الاجتماعي، ومدى تأثيرها، وقدرتها على الانتشار. ولهذا أتمنى أن نركز على طرح الأسئلة، ونخلص إلى توصيات، تفيدنا، وتفيد غيرنا، وتكون لبنة تشد عضد الثقة في الصحافةالرياضية، وفي ما نطرحه للعموم من أخبار وآراء ونقد بناء.

الاستقلالية في الصحافة
اعتاد البعض على أن يصف جزءا من الإعلام المكتوب، على الخصوص، بأنه مستقل. والقصد بذلك أنه غير تابع، أي أنه حر في اختياراته.
والحق أن الاستقلالية الحقيقية هي المهنية، فهي المرجع في هذا الجانب. لأن أي وسيلة إعلامية ليست حرة في نهاية المطاف، بل هي تدافع عن تصور أو رؤية أو إيديولوجية، أو حتى حزب، أو تيار سياسي.
ولذلك قيل إن الاستقلالية هي المهنية، على اعتبار أنها الفيصل في نهاية المطاف. فالقارئ، أو المتتبع، أو المهتم، يملك حاسة التمييز بين خبر مهني وآخر غير مهني. بمعنى بين خبر منحاز وخبر اعتمد في تحريره على التوازن.
وحتى في الجانب المتصل بالرأي، فإن الصحيفة المهنية هي التي تعتمد الرأي والرأي الآخر أيا كان توجهها، عكس تلك التي تنحاز إلى رأي واحد، وتراه غير قابل للنقاش، بحيث تقصي الرأي المضاد له.
فهل هي مستقلة بهذا التصور؟.
إن الاستقلالية التي توصف بأنها استقلالية رأس المال هي بدورها ليست كذلك. فرأس المال جبان، وهو يدافع عن نفسه، وعن مصلحته. وهكذا، فهو لن يسمح، على الأرجح، إلا ببروز ما يفيده، ويتوافق مع مصلحته، حتى ولو أبدى غير ذلك بالسماح لبعض الآراء غير الموافقة لهواه بالبروز أحيانا.
وهكذا، نخلص إلى أن الاستقلالية تبقى نسبية إلى حد كبير، حتى لا نقول مجرد مطمح ليس إلا. غير أن غيابها لا يعني بالضرورة غياب المهنية. ففي كثير من التجارب، كانت الصحيفة التي تدعي الاستقلالية مجانبة للصواب، في حين جاء الخبر المتزن، والمهني، والموضوعي، والمقبول، من الوسيلة المملوكة للدولة، المشدودة بوثاق متين من التبعية المحاصرة لمبدأ الاستقلالية!!.