يعد الخبير الزراعي المغربي عبد الوهاب زايد سفير النوايا الحسنة لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، من الوجوه البارزة من مغاربة العالم إذ عمل طيلة مساره المهني الحافل على تسخير كل أبحاثه وجهوده لتطوير نخيل التمر في ربوع العالم.
وتقلد الاستاذ زايد، الذي ألقى بين يدي أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، درسا دينيا من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية حول موضوع “النخيل في القرآن والسنة”، عدة مناصب في مؤسسات إقليمية ودولية تعنى بالشأن الزراعي قبل أن يلتحق بالإمارات العربية المتحدة سنة 2000 حيث يشغل حاليا منصب مستشار زراعي في وزارة شؤون الرئاسة وأمين عام لجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي وقلبه مفعم بالحب والعطاء والإخلاص اللامحدود لشجرة نخيل التمر (الشجرة المباركة) وأهلها في كل مكان حول العالم.
لم يترك هذا الخبير المغربي، خريج معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط والمزداد بمدينة فاس سنة 1957 ، بلدا فيه نخيل التمر، إلا وترك فيه بصمة إيجابية ساهمت في تنمية وتطوير هذا القطاع على مختلف الأصعدة.
وقال الأستاذ زايد إن الاستثمار في القطاع الزراعي بشكل عام ونخيل التمر بشكل خاص يعتبر من أفضل أنواع الاستثمارات التجارية في الوقت الراهن لارتباط ذلك بالأمن الغذائي وتوفير الغذاء للناس.
وأضاف أنه على الرغم من تضاؤل كمية المياه الجوفية وتراجع كمية الجريان السطحي للأنهار فإن البيئة الجغرافية والمناخ الطبيعي في المنطقة العربية بشكل عام مازالت تتيح زيادة الاستثمار الزراعي من خلال استخدام التقنيات الحديثة خصوصا الذكاء الاصطناعي، مبرزا أن المنطقة العربية تزخر بقصص نجاح في هذا المجال حيث يستثمر عدد من الدول في القطاع الزراعي، كما توجد بها بعض المنظمات الإقليمية التي ساهمت وما تزال في تعزيز هذا الاستثمار مثل الهيئة العربية للاستثمار والانماء الزراعي، والمنظمة العربية للتنمية الزراعية.
وأكد على النمو الواضح في عدد المراكز البحثية المتعلقة بالقطاع الزراعي على المستوى العربي حيث لا تخلو دولة عربية منها مثل المركز الدولي للزراعة الملحية بدولة الإمارات العربية المتحدة، مضيفا أن شجرة نخيل التمر تحتل مكانة مرموقة في وجدان الانسان العربي وتراثه وتاريخه، إذ لم يحظ نبات أو شجرة قط باهتمام القرآن الكريم كما حظي النخيل، فقد احتضنته أكثر من عشرين آية تتحدث عن الأهمية الغذائية لثماره، كما أكرمته السنة النبوية المطهرة بعدد كبير من الأحاديث الشريفة التي أكدت أهمية النخلة وثمارها، (أكرموا عمتكم النخلة) الأمر الذي وضعها في قمة الأشجار المفيدة للإنسان بدون منازع.
وأشار زايد ، الحائز على شهادة الدكتوراه من جامعة كولورادو بالولايات المتحدة سنة 1990 في مجال البستنة الزراعية، إلى أن شجرة نخيل التمر حباها الله تعالى بصفات وتكيفات جعلها أكثر قدرة على تحمل ظروف البيئة القاسية دون أن يتأثر عطاؤها سلبا، فتم وصفها بحق بشجرة مباركة حيث كانت وما تزال تقدم للإنسان جل ما يحتاجه من طعام صحي وغني بمصادر الطاقة قل نظيرها.
ولدى حديثه عن “جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي” التي يتولى أمانتها العامة ، قال زايد إن الجائزة تهدف الى إبراز الجهود والإسهامات الناحجة التي يقوم بها الأفراد والمؤسسات على السواء في مجال الابتكار الزراعي ونخيل التمر، لتشجيعهم وتحفيزهم على بذل المزيد بغية الوصول بالقطاع الزراعي وشجرة نخيل التمر إلى أفضل المستويات، مبرزا أن الجائزة تعد أول وأكبر جائزة متخصصة في نخيل التمر والابتكار الزراعي على مستوى العالم.
المسار المهني لعبد الوهاب زايد حافل بالانجازات العديدة وكلها تصب في النهوض بتطوير زراعة نخيل التمر أينما وجد لاسيما في المنطقة العربية ،إذ شغل العديد من المناصب الادارية والفنية منذ وطأت قدماه دولة الامارات العربية المتحدة من قبيل مدير وحدة دراسات وبحوث تنمية النخيل والتمور، ومنسق عام الشبكة العالمية لنخيل التمر، ومدير عام المركز العربي للتقنيات الحيوية والهندسة الوراثية.
كما تولى مناصب دولية ومنها مدير برنامج زراعة النخيل في ناميبيا. وهكذا طيلة مساره المهني، نجح الخبير زايد الذي تنحدر أصوله من منطقة تافيلالت بالجنوب الشرقي للمملكة، في اكثار صنف نخيل (فحل مدينة العين) وهو فحل متميز تم استيراده من تونس، وتم اكثاره في مختبر زراعة الأنسجة النباتية التابع لجامعة الإمارات العربية المتحدة محققا انجازا فاق كل التوقعات.
وفي الجانب التنظيمي، تمكن زايد عام 2002 من إقامة الشبكة الدولية لنخيل التمر، والتي تتخذ من وحدة دراسات وبحوث تنمية النخيل والتمور التابعة لجامعة الإمارات العربية المتحدة مقرا لها. كما حشد الدعم المجتمعي لنخيل التمر لإنشاء جمعية أصدقاء النخلة بالإمارات والتي يبلغ عدد أعضائها أكثر من (300) عضوا علاوة على انعقاد معرض الامارات الدولية للنخيل والتمور (الأول 2004، الثالث 2008، والرابع 2010). وأشرف على تنظيم العديد من الندوات وورشات العمل والمؤتمرات العالمية الخاصة بنخيل التمر بالإمارات، ومنها: سلسلة المؤتمر الدولي لنخيل التمر (الأول 1998 والثاني 2002 والثالث 2006 والرابع 2010)و إعداد عدد من الأطر الإماراتية لتولي المسؤولية في قطاع نخيل التمر بدولة الامارات.
وللخبير المغربي أيضا مساهمة قيمة في مجال التأليف حيث أصدر في هذا الصدد مؤلفات عدة أهمها كتاب عن نخيل التمر والذي نشرته منظمة الأغذية والزراعة (فاو) بالعربية والإنجليزية، ومعجم مصطلحات التقنية الحيوية في الزراعة والغذاء، وقد صدر أولا بالإنجليزية، ثم ترجم لخمس لغات.
خبرة عبد الوهاب زايد مكنته ايضا من إقامة صلات بالمهتمين بنخيل التمر زراعة وصناعة وتجارة، داخل الإمارات وخارجها، حيث قدم استشارات علمية وفنية للعديد من الجهات للنهوض بزراعة نخيل التمر وزيادة إنتاجيته من التمور، وساهم هذا النشاط في دعم مكانة الإمارات في هذا المجال.
وتكريما لجهوده نال الخبير المغربي العديد من الجوائز منها (جائزة B-R. Sen) من منظمة الأغذية والزراعة للامم المتحدة (الفاو) سنة 1999 ،وجائزة التميز التي تمنحها المنظمة العربية للتنمية الزراعية سنة 2000 كما تم تعيينه سفيرا للنوايا الحسنة لمنظمة (الفاو) سنة 2014.
تجربة عبد الوهاب زايد الحافلة بالعطاء كما هو الشأن بالنسبة لشجرة نخيل التمر، تعد مثالا يحتذى وقصة نجاح ملهمة لمغاربة العالم لا سيما الشباب منهم من أجل تحقيق أهدافهم المنشودة زادهم في ذلك العلم والمثابرة.