بينهم وبين الفن علاقة عداء وصدام مند البدء، لان الحياة بالنسبة لهم حادثة ناتجة عن خضوع حواء للشيطان واغرائها لادم، ولذلك يلزم ان يقضي المرء حياته في التكفير عن الخطيئة الاولى، خطيئة الاب والام، ولان الفنون مباهج ذات ارتباط وثيق بحب الحياة ومتعها، فانه يشكل بالنسبة لهم انحرافا ومعصية. حرموا النحث والرسم والمسرح لانها فنون تتحدى في تصورهم الخالق وتقوم على التمثيل وتخلق الاصنام التي حطمها الاسلام، وحرموا الموسيقى والغناء معتمدين على احاديث رواها البخاري 200 عام بعد وفاة نبي الاسلام من قبيل “لعن الله لحية تحتها مزمار” او “لعن الله امراة رفعت صوتها ولو بذكر الله”، لاشئ في السلوك النبوي الذي حمل مشروعا حضاريا منافسا لمشاريع زمنه يجيز نسبتها اليه، وحرموا في العصر الحديث الصور الفوتوغرافية والسنيماوالرقص وغيرها من الفنون. منطق التحريم لديهم مضاد للحياة ومقدس للموت، ولا عجب ان يقودهم الى مناهضة العلوم الحقة والانسانية والى اغلاق الابواب في وجهها كي لا تخلخل علومهم التي تدور حول نفسها مند قرون، والى تعريض حياة الناس للخطر في هذا الوقت الذي تواجه فيه تهديدا زاعمين ان الفيروس القاتل من جند الله، مقدمين عن الخالق صورة تسيئ اليه ايما اساءة، وان لامهرب من قدره ولا فائدة من علم او اجراءات احتياطية واحترازية للحفاظ على النفس وتحاشي الحاق الادى بالاخرين. الايديولوجيا السلفية، بتنويعاتها، ليست الدين الاسلامي، انها ديانة اخرى ابتدعها اصحابها ويسعون لحمايتها باحط الاساليب لتجنيبها الاسئلة التي تكشف حقيقة تهافتها ومفارقتها للاسلام، الذي شكل ثورة ضد البدائية والبداوة في زمنه، ولزمننا وما يعتمل ويمور فيه.
محمد نجيب كومينة / الرباط