مصطفى الزارعي
هكذا وقف بنيامين نتنياهو، أمام قنوات التلفزيون الإسرائيلية، وهو يصرخ، ” الفلسطينيون قتلوا في يوم واحد أكثر مما قتل هيتلر من اليهود خلال أسبوع في محارق إوشفيتز”.. وهذا الكلام قديم، يكرره نتنياهو في كل حرب على الفلسطينيين، وهو كلام للكاتب مارك هالتر، اليهودي المهاجر من وارسو، سبق أن قال به إيلي فايزيل، اليهودي الروماني، في مذكراته الشهيرة، “ليل”، عن أيامه في معسكرات الاعتقال النازية، ولم يذكر كيف نجا من محرقة أوشفيتز، لكن المفكر الفرنسي روجيه غارودي، حين سأله في برنامج تلفزيوني، “هل رأيت يا إيلي، عدد اليهود الذين ماتوا في يوم واحد ؟”.. لم يجبه عن سؤاله، لأن إيلي كان يتحدث آنذاك عن علاقته بدولة إسرائيل، بعد منحه جائزة نوبل للسلام عام 1986.
وحين شكك غارودي فى كتابه “الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل” في محرقة أوشفيتز، وتضخيمها لتبرير الحرب الوحشية ضد الفلسطينيين، معتمدا في ذلك على تجربته ومعايناته كعضو فى المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال الألماني، هاجمه الإعلام الفرنسي واتهمه باللاسامية، ما دفع غارودي إلى اكتئاب فكري رهيب، ومات منسيا، بقبو منزله في باريس. ومنذ ذلك اليوم، مازالت أوشفيتز ، ترتقي إلى مرتبة المقدس، حتى أنه يمكن التشكيك في التوراة، لكن ليس مسائلة ما حدث لليهود في أوشفيتز.. إضافة إلى ما كتبه الفرنسي بول راسنييه، السجين بأحد معسكرات التعذيب النازية، الذى أنكر استخدامها لأفران الغاز لحرق اليهود أحياء، بل كان الجنرال النازي آيخمان، يأمر بحرق جثث السجناء اليهود الذين قضوا من الجوع والمرض والتعذيب، وأنهم لم يحرقوا أحياء، معتبرا أساليب التعذيب النازية لا تختلف عن تلك التي استخدمها الجيش الفرنسي في تعذيب معارضيه في البلدان التي احتلها مثل المغرب والجزائر. والمؤرخ الأمريكي هاري بارنز صاحب المقالات العديدة حول أكذوبة محرقة اليهود، واعتبار أن إسرائيل خلقت محرقة أوشفيتز لاستنزاف أموال ألمانيا، وتبرير الحروب الإسرائيلية العدوانية ضد الشعب الفلسطيني. وكذا روبرت فوريسون، الذي كتب العديد من الكتب والمقالات حول ادعاءات إسرائيل حول محرقة أوشفيتز، ما أدى إلى طرده من عمله كأستاذ جامعي ومحاكمته.. وديفيد هوغان أستاذ التاريخ بجامعة “هرفارد” العريقة، وأبحاثه المشككة في حقيقة محرقة أوشفيتز، التي أدت به إلى الطرد من الجامعة. ويوركين غراف المترجم واللغوى السويسرى صاحب الكتب والدراسات المكذبة لمحرقة أوشفيتز، الذي حوكم بسببها، مادفع به إلى مغادرة بلاده والاستقرار في روسيا.
الظهور الثاني لأدولف هتلر
نتنياهو، هذه المرة أيضا، وكأنه الآتي من أوشفيتز، يقف الآن كما لو أنه أودولف هيتلر، وهو يصرخ بحماس القائد العسكري في جنوده، مرتديا واقية الرصاص، “إسرائيل، ستقضي على حماس، ستنتقم لكل الإسرائيليين الذين قتلوا غدرا..وهو بذلك يستعيد نبوءات عصابة الهاغانا الصهيونية.. التي كان أعضائها يطاردون الفلسطينيين، وهم يرددون “.. سنعيد يهوه إلى أرض الميعاد، وسنقتل الفلسطينيين، الذين يشككون في حق وجودنا في هذه الأرض”، وهذا مطلق التطرف الديني، الذي يطالب به نتنياهو، أي عودة يهوه، الله الحقيقي الوحيد، وأن يسوع المسيح هو ابنه البكر الذي خلقه الله، وهو أدنى منزلة منه.. وحسب هذا الإدعاء، فإن الله ينتقم الآن لإسرائيل من الفلسطينيين في غزة..
لكن، ثمة تيار ديني واسع في إسرائيل، يوشي موقفه من الحرب العدوانية ضد الفلسطينيين، بعودة التقسيم اللاهوتي لليهود بين مملكة يهودا والسامرة، ويعتبر ما يحدث الآن في غزة حسب زعمهم، بشارة الاهية، واستمرارا لما يجب أن تكون عليه إسرائيل، “إن إسرائيل ما زالت ترزح تحت عقاب الله، ولن يتحقق السلام لها في أرض فلسطين، لأن الله أندرها للشتات، وسيبقى الخطر الفلسطيني، وخطر كل الدول العربية، يقف لها بالمرصاد..”، لكن الخطر أيضا يأتي من الإسرائيليين، وهذا ما ظل يردده الحاخام اليهودي دافيد فيس، بأن ” إسرائيل لا بد ستزول طال الوقت أو قصر، لأنها ضد الله ومخالفة لنصوص التوراة”.. مجلة “النيويورك تايمز” نشرت ملفا عن “السقوط الأخير لإسرائيل”.. إلا أن الالتباس ظل يراوح مكانه في معنى السقوط.. هل هو الشتات الجديد أم الهزيمة أمام الفلسطينيين، أو الهروب والعودة لما كان عليه اليهود في أوروبا منذ منتصف القرن الثامن عشر، وإلى أن أصبحوا عالة اجتماعية واقتصادية على أوروبا، قبل أن يتم دفعهم إلى التهجير نحو أمريكا وأستراليا وجنوب إفريقيا، وأمريكا اللاتينية، وفي مرحلة أخيرة إلى فلسطين.. ليشتغلوا هناك بالنيابة عن الدول الغربية الاستعمارية ويضموا بقاء مصالحها..
حتى لا تنهار إسرائيل
إذا انهار الجيش إسرائيلي، ماذا سيصنع الغرب بإسرائيل، السؤال على لسان المؤرخ الإنجليزي أرنولد توينبي، “لو انهارت إسرائيل ، ماذا سيبقى للغرب في منطقة الشرق الأوسط؟”..
والكلام، لمؤرخ كبير يعرف جيدا فلسطين، ويعرف علاقة بلاده بريطانيا التي كانت تحتل فلسطين، والذي ما زال العالم يتذكر مناظرته التاريخية في جامعة أوتاوا مع السفير الإسرائيلي في كندا آنذاك ياماكوف هيرتزوغ، وكان موضوع المناظرة يدور حول “ملكية أرض فلسطين”.. التي ضمنها كتابه “جريمة ودفاع” قال فيها “أن ملكية أراضي اليهود في فلسطين، لا تتجاوز الأراضي التي أشتروها، خلال ثلاثين عاما من الانتداب الانجليزي، أو قبل ذلك بقليل، أو من بعض العائلات الفلسطينية، وهي أرض لا تمثل إلا قسما بسيطا من الأراضي الفلسطينية التي احتلها اليهود بكاملها بعد ذلك بقوة السلاح..” ، وبشجاعته المعهودة، كتب توينبي، في مقالة له قبل وفاته في 1975، ” الغرب أوجد إسرائيل، كي تبقى وتسود بقوتها على كل الأراضي الفلسطينية”..
لهذا السبب لن يترك الغرب إسرائيل تضعف، أو يتم اقتلاعها من المنطقة.. “إسرائيل زرعت جذورها هنا، كي لاتزول أبدا” بحسب تهديدات بن غوريون.. بينما الشعب الفلسطيني، ليس في غزة وحدها، بل في عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة، هو من سيتم محقه أو سحقه أو تركيعه، حتى أن المؤرخة الأميركية آن د. غوردون، حين تتحدث عن موت التاريخ في تلك المنطقة، تشير إلى ضرورة سقوط الأنبياء وسقوط الأيديولوجيات.. وسقوط الأرض، وتهجير الشعب الفلسطيني أيضا من اجل بقاء إسرائيل وحدها.. ولأن الغرب، لا يمكن له أن يستثمر في الفراغ.. فقد تم تعميد إسرائيل، للقيام بمهمة دور الحارس الأمين لمصالحها. يقف بغطرسة على بوابة الجحيم، دون ذلك لن يحدث لإسرائيل أي شيء.. وإذا كان لابد أن تتوارى إسرائيل أو تقل وتضعف قوتها العسكرية عن المألوف، وهي التي يقول عنها الصهيوني جابوتنسكي، أب ومهندس الهجرات اليهودية إلى أرض فلسطين، ” إسرائيل ستكون دولة حرب”، فإن الغرب سيقوم بمهمة تحويلها إلى “فزاعة” ورعب حقيقي في المنطقة، كي تبقى قوية مؤثرة ومخيفة، فيما سيتم وضع الشعب الفلسطيني في الاتجاهات الأربع، كي تذروه ريح الهجرات، التي تباشرها إسرائيل منذ أواسط القرن الماضي..
مطاردة التاريخ بالمسدسات
المؤرخ البريطاني، أرنولد توينبي، اتهم بمعاداة السامية، لأنه يروج بأن التاريخ الحقيقي مطارد في أرض فلسطين منذ ثلاثة آلاف عام”، فيما أمريكا تعمد بين حين وآخر، لدفع إسرائيل على إطلاق الرصاص من مسدسها على أقدام الفلسطينيين، لإكراههم على الهروب والهجرة.. لكن ما دام العالم تعود أن الرصاص تبعث به إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى الأراضي الفلسطينية المكدسة بمشاريع الموت الفلسطينية، فإن إسرائيل ستبقى توهم العالم، أنها الأقوى وأنها الباقية في الأرض دون سواها.. كانت هذه هي القاعدة، وعلى نحو ما سادت القوة الإسرائيلية زمنا طويلا ضد الفلسطينيين.. لكن، بما أن قاعدة ميزان القوى، ليست مقدسة، ولا دائمة، وقابلة للتغيير.. وأن الرصاص أصبح يتجه من الأراضي المحتلة التي يتكدس فيها الفلسطينيون، ويتبعونها بصيحات الموتى والضحايا، وكأنهم يرددون أنها متجهة إلى المستقبل، وأن إسرائيل ترى القصف الفلسطيني على أرض لم تحسم بالكامل في إخضاعها واحتلالها، ثم لا ينقصها الغضب وصيحات قتلى الجيش الإسرائيلي، وكأنها تردد أن الرصاص الفلسطيني، يعود بهم إلى الماضي، لأنه لم يعد يتبين لهم أثر لملامح المستقبل..
المشكلة ليست في موازين القصف بالصواريخ، التي أضحت، وبشكل مؤقت لصالح الفلسطينيين، ومجازيا انتقاصا وتشكيكا في القوة الرهيبة للجيش الإسرائيلي، الذي تعتبره إسرائيل الفيلق المقدس لجيش يهودا التوراتي، الذي قاد إلى قيام دولة إسرائيل.. بل أيضا، لأن الإسرائيليين لن يستطيعوا التعايش جنبا إلى جنب مع الفلسطينيين، وفي دولتين متجاورتين، فإما أن تكون الأرض بكاملها لإسرائيل، أو أن لا تكون للفلسطينيين، وهذا المركب الفاشستي، هو الذي تدير به إسرائيل حروبها ضد الشعب الفلسطيني، منذ “تأجيل” اجتماع البت في تقسيم الأراضي الفلسطينية بين إسرائيل والفلسطينيين عام 1947، في الأمم المتحدة، والذي أصبح في 1948 تصويتا على تأسيس دولة إسرائيل… بتدخل كبير وتجميع للأصوات من طرف أمريكا وفرنسا، ” لأن هذه الأرض لايمكن أن تكون في يوم من الأيام للفلسطيني” كما قال زئيف جابوتنسكي، وهو صاحب العبارة الشهيرة، ” ماذا لو كان التاريخ يشهد أننا من أفضل لقطاءه..”، هذا لا يهم فاليهود أصحاب الدعابات التراجيدية، وجبوتنسكي كان مغرما بترجمة الكثير من الأعمال الأدبية التي تمجد الشخصية اليهودية، إلا أنه اعتبر ترجمته للكوميديا الإلهية” لدانتي الاليغري من الروسية إلى العبرية، أكبر النصوص الأدبية التي تسكنها الروح اليهودية الحزينة، التي لا يمكن لها أن تلتقي مع أي كان من البشر .. فقد كتب دانتي،” وهو يشير بأصبعه، إلى الجحيم، إنهم يسبحون.. إنهم لا يعيشون، لكنهم لا يموتون..”، لكن جابوتنسكي، كتب في آخر أيامه، حين حل بأمريكا عام 1940 ، وتوفي بها في العام نفسه.. ” إذا لم يجد اليهودي من يقتله، فإنه يقتل اليهودي”.. قبل ذلك، وحين أسس جماعة “حيروت” الإرهابية، التي تزعمها بعده مناحيم بيغن، قال ” إن يهوه اخترع عقابا أبديا لليهود، فسلط عليهم الفلسطينيين”..الإسرائيلي لايقبل التعايش أو التساكن مع الآخر.. الآخر هو العدو.. الأخر يمكن أن يكون بالضرورة عدو يفترض استئصاله، أو أن يكون المقابل الفلسفي للموت.. وهذا الداء التراجيدي، له جذوره الضاربة في تاريخ اليهود.. حتى أنهم تنازعوا على من يكون أقرب إلى الله.. فانشقوا إلى مملكة يهودا ومملكة السامرة، وما زالت مفاوضات الصلح جارية بينهما، دون أي نتيجة تذكر.. أما حين يقبل الإسرائيلي بلقاء العدو والتفاوض معه، أو قبول الوساطة معه ومن أي نوع كانت، فهذا يشعره بأنه يسعى لاحتواء خصمه، أو أنه يعيش لحظة ضعف واحتضار.. دون ذلك، يعني التنكر والانقلاب على الآخر، وبمنتهى التعالي و الغطرسة، ممارسة مطلق حقوقه مع ذاته ومع الله.. كون الله، حسب ادعائهم، خصص هذا المكان لليهود فقط دون سائر الأقوام والشعوب، حتى يسهل تجميعهم، ويسهل إفنائهم..
الغريب، إن إسرائيل، وهي قوة احتلال، في الأرض الفلسطينية، تؤمن أن لا أرض للفلسطينيين، لا للتعايش، لا للأديان الأخرى.. وطبعا، فإن أمريكا التي تحتج في أماكن أخرى، على فرض هذه المبادئ، ولا تخلو منها تقارير وزارة خارجيتها، ومنظماتها الحكومية والمدنية.. لكنها لا تعارض استئصال شعب من أرضه.. لذلك، فغالبية الذين تطرقوا لنشأة إسرائيل، قالوا “إنها تمثل فجرا جديدا للبشرية”، حسب ماكان يردده الحاخام مائير كاهانا، مؤسس حركة “كاخ” الإرهابية.. وهو نفس الكلام الذي كان يترافع به كبار المفكرين اليهود الذين هاجروا إلى أمريكا.. وكبار المفكرين والحاخامات اليهود أواخر القرن التاسع عشر في العديد من البلدان في وسط أوروبا وغربها، والذي تصارع عليه تيودورهيرتزل أبو الصهيونية الأول مع جماعة اليهود الأرتوذكسيين في انجلترا.. وبين كبار مفكري اليهود في فرنسا التي شكلت نواة انطلاق الفكر الصهيوني، حتى قبل قضية دريفوس، وهو ضابط فرنسي، يهودي الديانة حكم عليه بالسجن مدى الحياة، نهاية القرن التاسع عشر، لاتهامه بالتجسس لصالح ألمانيا، وأعيدت محاكمته أكثر من مرة، بسبب من ظهور شخص آخر يدعى استر هازي، هو المتهم الحقيقي بالتخابر، لكن المحكمة العسكرية أبقت على تهمة دريفوس، لكونه يهودي، واليهودي لا يمكن أن يكون إلا خائنا وفقا للحملة الإعلامية الفرنسية آنذاك، وضد كل ما هو يهودي.. علما أن الحملة على اليهود في كل أوروبا، كانت مستعرة، وعلى درجة بالغة من التطرف، حتى أن الروائي إيميل زولا، كتب مقالا بعنوان، “إني أتهم” دفاعا عن الضابط اليهودي دريفوس، لكن الحكومة الفرنسية اتهمت زولا، بأنه أصبح أداة في يد اليهود..
من التيه القديم.. إلى الغيتو الجديد
كان تيودور هيرتزل يعيش آنذاك في فرنسا، كصحافي بسيط، ومراسل لصحيفة نمساوية، ويستعد لنشر كتابه، “دولة اليهود”، معتمدا على كتابات العديد من اليهود الذين كانوا يشتغلون في أكثر من دولة في أوروبا على صياغة النظريات الأولى للفكر الصهيوني، من بينهم ينغزبرغ، ويهودا القلعي، وكاليشر، وموهيلفر، وموزي هيس وغيرهم… كما دفعته قضية دريفوس إلى الإسراع بنشر كتابه. وكان المعارضون له أكثرهم من اليهود، الذي يقولون بجدوى الاندماج في المجتمعات الأوروبية، عوضا عن تأسيس دولة لإسرائيل، إلا أن المدافعين عن كتاب “دولة اليهود” كانوا من المسيحيين، ومن بينهم من توسط له مع السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، الذي كانت بلاده تعيش أزمة مالية خانقة، فاقترح عليه هيرتزل شراء أرض فلسطين.. وكتب في تقرير له عن زيارته إلى السلطان العثماني، ” اقترحت عليه، أن يبيعنا أرض فلسطين نقدا، لكن السلطان رفض، فقلت له.. إننا نقترح عليكم إعادة شراء أرض فلسطين التي كان يسكنها أجدادنا.. فأجابني السلطان.. هناك الكثير من العرب في فلسطين.. فأين ستكونون إذا بعتها لكم؟” .. ويقال أن هذه المحادثة، التي ضمنها هيرتزل في مذكراته غير حقيقة، أو أن بعض ما ورد فيها مختلق. ويرى آخرون، أن لقاء هيرتزل تم مع الصدر الأعظم، بوساطة من دوق صربي، كان صديقا له في الدولة العثمانية، وليس مع السلطان عبد الحميد الثاني، وأين بيع الأراضي الفلسطينية لم يقع.. لكن المؤرخين اليهود اللذين أسطروا نجاحات مؤسس الصهيونية تيودور هيرتزل، وضمنوا اسمه في وثيقة تأسيس دولة إسرائيل، يجمعون على أنه “الزعيم الاستثناء”، لأنه لم يقل أبدا ماذا سيفعل بالعرب الذين سيلتقي بهم في فلسطين..
في مسرحية كتبها هيرتزل في عام 1901، بعنوان”الغيتو الجديد”، يقول فيها على لسان إحدى شخصيات المسرحية، ” إذا لم يخرجوا من بيتنا، سنهجرهم كما كنا نحن نُهَجر من بيوتنا على مر التاريخ..”.
على مدى تاريخ دولة إسرائيل التي بدأ في 1948، ما زال هذا المقطع من مسرحية هيرتزل، يقود قيادات جيش إسرائيل الذي لا يقهر، مازالوا يقتلون الفلسطينيين.. مشاهد المسرحية متواصلة في غزة بشكل دراماتيكي.. محرقة غزة متواصلة بوحشية… لم يسدل الستار بعد..