إدريس المغلشي
بعد مخاض عسير دام لعقدين من الزمن خرج اتفاق 14يناير 2023 مثيرا لكثير من الجدل وهو امر طبيعي ومتوقع فغالبية هذه الخلاصات لن ترض الجميع و لن تجيب على كل الاسئلة . وهو امر يترجم التفاوت الحاصل في المقاربات من خلال تدبير ملف شائك يجر وراءه عدة اشكالات لاشك ان نهايتها ستبقى معلقة الى حين .لكن المأمول فيه ان يحل اغلبها ويقطع مع مسلسل التسويف والانتظارية .بعدما استغرق مدة بالقياس لسابقاتها التي تعد أطول مدة ناتجة بالأساس لعوامل عديدة سنتطرق لاهمها .
ما يفتح ابواب الأمل في تناول هذا الملف ونعتبره انفراجا لحالة من الانحباس ماصرح به الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم الاتحاد المغربي للشغل : “ان محضر الاتفاق المتعلق بالنظام الأساسي خطوة ايجابية ستفك لامحالة عقدة الانحباس وكذلك تتميز بكون النظام الاساسي له طابع هام من الليونة والمرونة تضمن فرص كثيرة من خلال التدقيق في المطالب والاستدراكات .” وهنا لابد ان نشير ان الاشارة تعني القوة الاقتراحية والتي من مسؤوليتها استحضار خصوصية كل الفئات وجبر الضرر . السؤال هل لازالت الفرص قائمة في ظل الوضع القائم ؟ الجواب نعم مادامت مسودة النظام الاساسي لم يفصح عنها وقابلة للتعديل .
بداية نسجل أن ملف التعليم مورس فيه التعتيم بشكل مبالغ فيه من خلال جعل الاستاذ مشجب نعلق عليه كل مؤشرات الاخفاق.وهو أمر يجعل منطق التفاوض مختلا بدعوى الدفاع عن الصورة الرمزية للمدرسةوالأستاذ اكثر من التصدي للمطالب الحقيقية المطروحة للنقاش والكفيلة بترسيخ ثقافة الاعتراف اتجاه شريحة قدمت الشيء الكثير للمنظومة دون ان ينالها حظ من التقدير والاعتبار لمجهوداتها .اغلب الزمن المهدور في المنظومة بنسبة اكبر راجع بالأساس الى غياب تأهيل المؤسسات وانتهازية السياسي في التخلي عن دوره في شراكة حقيقية. وعامل التوثر في الساحة التربوية المفرز للاحتجاجات والاضرابات والتي تعتبر حقا مشروعا ناتجا بالاساس عن سلوكات مستهجنة متجلية في غلق ابواب الحوار كرد فعلي وعملي لحلحلة الملفات واستثمار الوقت . التعليم عرف مسارا ملغوما ومعادلة غير متكافئة .تجلت في عدة اسباب نجملها في مصادرة الحق في امتلاك الوزارة للمعطيات الحقيقية والتي من خلالها تحقق غايتين أولا الوقوف على صحتها ثانيا تشكل ارضية تفاوض مركزي من اجل انتزاع الموافقة المالية والادارية للملفات العالقة. وهو السقف الطبيعي للتفاوض وليس عكسه تبني منهجية المغامرة وسياسة تخمينات او ضربة حظ.
الوزارة انتبهت مبكرا لمحورية واهمية العاملين فاجادت المناورة والتي مكنتها من ربح سقف زمني مهم على الاقل منذ2012 استطاعت من خلاله ربح نصف مرحلة تفاوض بالتمطيط والتسويف .فإذا كان المبدأ النقابي المقدس (خذ وطالب ) وهو حاضرا بقوة الم يكن جديرا بكل الاطياف النقابية ان تدفع في اتجاه تجزيءالمطالب حسب الاولوية حتى لانظلم فئات ستغادر القطاع دون استفادة .
رغم التطبيل لأهمية التعليم سواء بمنطوق الدستور او عبر اليات التدبير المتعددة يظهر جليا انه لايصمد امام مخرجات حوار لايترجم فعليا هذه الحقيقة. حساب الكلفة المالية وسياسة التقشف غلبت على ميكانيزمات واليات الحوار وبالتالي غاب الاهتمام بالعنصر البشري من خلال التحفيز بل صار البعض يصرح أن الحقوق المكتسبة اصبحت انجازا. النظام الاساسي الجديد ستفرز صورته الجديدة العديد من الضحايا اغلبهم سيتقاعدون 2023 و2024 مع التخلي عن الاثر المادي والاداري لفئات عريضة في غياب النقاش حول المحاضر المرجعية السابقة وهي استراتيجية محبوكة حكمها منطق مادي صرف من خلال القرار المشؤوم (متوسط الاجر لثمان سنوات الاخيرة من العمل ) وهو أمر خلق الاستثناء المغربي حيث المتقاعدون في بلدنا السعيد يؤدون فواتير خدمات تقدم مجانا في بلدان اخرى تقديرا لهذا الجيل وتفرض عليهم الضريبة على الدخل كأنهم عناصر نشيطة ويقصون من الاتفاقات التي تتم بين الوزارة والنقابات فعلا دولة ناكرة للجميل اتجاه شريحة افنت زهرة شبابها في خدمة الوطن .