إدريس المغلشي
دعني من الكلام العابر عن نبل العمل السياسي وكثير من الشعارات التي تلوح في الأفق محلقة في السماء بلا أجنحة ولا سند قانوني ولاقيمة تذكر.انظر كيف هي القرارات على ارض الواقع وكيف تدبر الأمور لتحكم عليها وتحدد هويتها. فلاتكفي النوايا الحسنة لبناء المشاريع الهادفة والمستدامة . فماأكثرها في واقع عنيد تنقصه الكثيرمن الإرادة الصادقة..! التي تصر على رفع التحدي وخلق فرص النجاح . كم ضيعنا من الفرص من خلال تدابير ارتجالية أهدرت فيها طاقات وموارد وزمن لن يعود ..!
بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار تمت ازاحة وزير التربية الوطنية من منصبه إلى المندوبية السامية للتخطيط خلفا للحليمي الذي تقاعد من مهمته . ومن خلال الحدث ومانتج عنه من تعديل حكومي يبدو أننا أمام كثير من الخلاصات التي تحتاج لتأمل عميق من أجل رصد كل سلوك حكومي للوقوف على أهدافه ومراميه وإخضاعه للتحليل والتمحيص بأدوات محايدة لا تبتغي سوى الحقيقة وحدها دون استهداف لأية جهة .
من الخلاصات المهمة أن نبحث كثيرا عن خيط رابط بين سيرورة التدبير وأدوات ضمانها بمافيها المنفذين لنقف على سؤال الجدوى .في النهاية نصطدم بفجوات بنيوية تنفي وجود الإستمرارية مع النجاعة وبذلك نسقط تلقائيا في بياض ان لم نقل ضياعا لاحدود له. فالمشاريع المصيرية تحتاج مع أهمية الموارد بمختلف أنواعها إلى جدولة زمنية للتطبيق محكمة ومحددة وهو أمر لايحترم في كثير من المواقع بل هناك ايادي تتدخل في كثير من اللحظات لتفسد هذا المسار وتقلب معادلاته دون ان نقف له على قيمة حقيقية في النهاية مما يصعب معه تقييم الحصيلة ، إن لم يكن أمرا مستحيلا فكم نادينا بالتقييم المرحلي كآلية ضامنة للنجاعة بصورة شمولية. وكمثال واضح ماعايناه من عملية إعفاء وزيرالتربية الوطنية الذي خرج للتو من محطة وطنية عقدت بالعاصمة محورها الأستاذ وحملت كثير من النوايا والعناوين ورصدت لها ميزانية ضخمة ثم غادر مباشرة المنصب تاركا وراءه استراتيجية موقوفة التنفيذ .بل هناك فريق معه رجع افراده إلى مواقعهم تاركين وراءهم الفراغ .مشروعا لم يكتمل وبقي مفتوحا نحو المجهول . الاستقرار في المسؤوليات مع ترتيب الجزاءات وفق المقتضى الدستوري الذي لايعرف طريقه إلى باب الرواح يعتبر من المعيقات الأساسية لإنهاء أزمة التعليم بل هناك من يجتهد في خلط الأوراق حتى تبقى دارلقمان على حالها مادام أن هناك مستفيدون من هذه الفوضى. صحيح ان بن موسى فتح هذا الورش لكن كتب له ان يموت في مهده وألا يستمر طويلا.
إشارة تتكرر في كثير من الأحيان وتعطي انطباعا أننا أمام إشكاليتين اساسيتين في منهجية إسنادالمسؤولية .الأولى أن بعض المسؤولين يصلحون لاحتلال كثير من المواقع وهو امر يسائل التخصص ومدى احترامه لاسيما ونحن نعاين كيف يستطيع خريجو مدارس القناطر بفرنسا أن يلعبوا دور جوكير لسد الفراغات بكل انواعها وتجلياتهاودون محاسبتهم ماداموا ينتمون لجهات معلومة .الإشكالية الثانية أن توزع المهام والمناصب كالغنائم والمكاسب السياسية للترضية وجبر الخاطر على حساب مصير المواطنين ومصالحهم .وهو أمر يدعونا لإعادة النظر في من نصوت عليهم .هل لتمثيلنا والدفاع عن حقوقنا أم للإستفادة الشخصية لاغير ؟
لم يترك بنموسى وصية لأنه أخذ من منصبه على حين غرة كموت الفجاة الذي لم يستطع معها ان يبرمج وقتا إضافيا لوصاياه .لكن يبدو أننا انهينا مسلسلا من العبث ليبدأ معه حدث جديد محوره الرئيسي سؤال عريض كيف تدبر مقاولة خاصة مجالا اجتماعيا واستراتيجيا بنفس ليبرالي ؟ يبدو أننا امام معادلة بدون حل .لكن السؤال الضروري هل حلاوة المقاولة قادرة على تفكيك مرارة واقع مر إسمه الشأن التعليمي ؟