إدريس الأندلسي
عرف العالم ثورات متتالية و متسارعة منذ منصف الستينات. و تأتي الثورة التكنولوجية المسنودة بعلوم الكمبيوتر لتحدث الكثير من التغييرات في التعامل مع عدة قطاعات إجتماعية و اقتصادية و خصوصا في مجال التكوين. و لم تكن البدايات النظرية لتطوير هذا العلم توحي بالبحث عن ذكاء مصاحب أو بديل للذكاء البشري. و أدى اتساع قاعدة البيانات إلى تسريع العمليات الحسابية المعقدة و إلى تغيير عميق في مجال الإتصالات، و تدبير البنوك ،و تطوير الأنشطة الطبية في مجال التشخيص بالأشعة و في إدخال العملية التعليمية و البحث العلمي إلى زمن سرعة لم تكن متوقعة.
و تأتي هذه التحولات الكبيرة بفضل الذكاء البشري الذي طور القدرات البرمجية للباحثين و المهندسين. وجب القول أن من يروجون لقدرة ذكاء آلة أو مركب كبير من الآلات على خلق المعجزات لا قدرة لهم على ذكاء البشر. صحيح أن الآلة التي يتم تخزين برنامج داخلها تتميز بالطاعة العمياء و لا تتأثر بتلك العواطف و القلق الذي يصاحب البحث العلمي. و تظل الآلة المأمورة خاضعة للبرمجة و تطيع كل الأوامر التي تتوصل بها من طرف العالم و المهندس و الذي يخضع لأوامر لها علاقات رؤوس الأموال و بمراكز القرار السياسي الغربي و محميته المحببة ذات الألوان الصهيونية.
ولكن الأمر الذي لا قدرة للذكاء الاصطناعي على السيطرة عليه هي تلك الشبكة الدماغية، و علاقتها بالإحساس البشري ، و التي تجعل من استنشاق عطر سيدة في الشارع سفرا عبر السنين، وفي الامكنة المتعددة عبر الأرض في أقل من عشر الثانية، لرجل مر بجانبها في لمح البصر. ملايين الصور تنبعث من ذاكرة في لحظة، و هذا يفوق قدرة ألف أو مليون كمبيوتر. لم يقدر الذكاء الاصطناعي على التفوق على الكثير من التلاميذ في اختبارات الفلسفة. نعم يتمكن من حل الإختبارات في مجال الرياضيات و الفيزياء، و لكن قدرته تظل رهينة بقدرة من برمجه على فهم نفسية الإنسان.
و ما سرني جدا هو ما تشاركه معي صديق لي، له موقع علمي و ممارسة جمعوية و سياسية مرموقة. إنه الأستاذ الجامعي و الفاعل الجمعوي في مجال التنمية بجهة مراكش، السيد أحمد الشهبوني، الذي أسقط الذكاء الاصطناعي في شر أعماله. وبقية حكايته مع الغباء الاصطناعي و اخضاعه للبلادة التي تطبع جرائم الصهاينة و المساندين لهم و لجرائمهم. و هؤلاء لا زالوا يحاولون تزوير التاريخ عبر تسخير الغباء الاصطناعي. و اترك المجال للتعبير عن هذا الغباء لمن عاش مواجهة مع برامج ” الذكاء المصطنع ” وغير الابه بمأساة شعب فلسطين. حكى الصديق الشهبوني عن سيدة محترمة في لقاء حول المحافظة على البينة. ما يلي جاء في رسالته:
“هذه السيدة واسمها تسنيم ايسوب ، رئيسة تحالف أفريقي للمحافظة على البيئة ، ومركزنا عضو في هذا التحالف. في الأسبوع الأخير في مؤتمر للبيئة بألمانيا رفعت عالم فلسطين تنديدا بالإبادة العرقية ضد سكان غزة من طرف الصهاينة الفاشلين وتم طردها من قاعة المؤتمر. بالأمس وعلى غرار باقي أعضاء هذا التحالف، كتبت رسالة تعاطف وتضامن معها. قبل بعث الرسالة باللغة الإنجليزية أردت تصحيحها مستعملا الذكاء الاصطناعي. كم كانت مفاجئتي كبيرة من الإجابة التي تلقيتها وهي رفض الذكاء الاصطناعي تصحيح رسالتي، وكان الجواب هو أن هذا الموضوع جد معقد وعلي الرجوع إلى “غوغل” . مباشرة ، أدخلت تعديلات على الرسالة باستبدال الشعب الفلسطيني بشعب أوكرانيا والكيان الصهيوني بروسيا ، أنذاك، توصلت بالرسالة في أحسن صياغة وفي ثوان. طبعا بعثت بالرسالة بعض استبدال روسيا بإسرائيل وأوكرانيا بفلسطين.”
هكذا يتبين أن التكنلوجيا ليست بريئة ” و أن آلات و ماكينات الذكاء لم تستطع، رغم تعقد الخوارزميات “، تجاوز مرحلة الغباء السياسي و الايديولوجي و الحقوقي الذي يسكن سلطات الغرب الإستعماري و الإمبريالي . و الأمر تجاوز العلماء في مجال الرياضيات و الفيزياء، إلى مجرمين مختصين في مجال الفيروسات. و هكذا أصيب الذكاء الاصطناعي بفيروس خطير أطلق عليه إسم كوفيص ( الصاد: صهيوني ) 23. و هو فيروس صهيوني يتطلب بحثا عميقا للقاح ضد ذكاء اصطناعي صهيوني سيموت حتما بفعل وعي إنساني اكتشف زيف الصهيونية و انتماءها إلى النازية و العنصرية و الإجرام و إبادة الشعوب بشكل كلي. غباء الصهيونية حول الذكاء الاصطناعي إلى غباء افتضح أمره رغم علماء النازية و أموال أمريكا و خنوع أنظمة من أوروبا.