لم تجب بعد وزارة التربية الوطنية عن سؤال من يتحمل مسؤولية منع المترشحين لامتحانات البكالوريا عند قياس درجة حرارتهم والشك في احتمال إصابتهم بفيروس كورنا المستجد ضمن الاجراءات الاحترازية المعتمدة ضمن التوصيات التي دعت الى تعقيم فضاءات مراكز الامتحان واستعمال المحرار الطبي للفحص عند أبواب هذه المراكز.
ويطرح قياس الحرارة في غياب التنسيق والتعاون والشراكة مع لجن اليقظة الوبائية الاقليمية والمصالح الطبية عددا من المشاكل التي لا يحيط بها سوى ذوي الاختصاص لاسيما في ظل الظروف النفسية للمترشحين وكرارة الطقس ووسائل التنقل الى مراكز الامتحان وهي كلها عوامل تؤتر على درجة حرارة الجسم في غياب الفيروس.
وما تزال دوائر العتمة مدلجة بالنسبة للترتيبات المعلنة والاعداد المحتمل لإجراء امتحانات البكالوريا المقررة مطلع يوليوز القادم وفق مقتضيات قانون الطوارئ الصحية المفروضة ببلادنا وفي احترام لقواعد السلامة والوقاية سواء بضمان التباعد في قاعات الامتحان أو بتوفير وسائل التعقيم وما يكفي من الكمامات والأقلام والقفازات إضافة الى تأمين شروط الوقاية في ما يستتبع من اجراءات حتى إعلان النتائج.
ولئن كان الوضوح في التصورات وعلى المستوى النظري لدى السيد الوزير وأعوانه وكبار المسؤولين في الرباط، فعلى المستوى الاقليمي والجهوي يبدو أن المعيقات التدبيرية لاسيما اللوجيستية والتمويلية تحيط هذه التصورات بضباب كتيف يحجب الرؤية وقد يحد من نجاعة التدابير المعلنة في تطويق الجائحة ومنع الفيروس من التفشي والانتشار في اوساط آلاف الشباب المقبلين على الامتحانات وأسرهم وموظفي القطاع.
وسيكون توفير المحرار الطبي thermomètre infrarouge frontal بأعداد كافية في مراكز الامتحانات أول تحديات هذا الرهان في ظل شح السوق وارتفاع الأسعار، لاسيما وأن المديريات الاقليمية للوزارة ألقت بمسؤولية اقتناء اثنين منه على الأقل على عاتق رؤساء مراكز الامتحان من تدبير مالي خاص وإن بالتحايل على القانون الذي لا تتسامح فيه اللوائح المنظمة ولا تتساهل فيه المفتشية العامة للإدارة على الصعيد المركزي إضافة الى الإلزام بتوفير مواد التعقيم وباقي ما التزم السيد السعيد أمزازي امام مجلسي البرلماني بتوفيره وكل ذلك دون طلبات عروض ومنافسة تحقق وفرة العرض وفي شروط تضمن المشتريات بالجودة والشفافية ونزاهة الأداءات.
كما أن التهافت من قبل بعض مسؤولي مصالح وزارة التربية الوطنية على صعيد الاقاليم والجهات على اقتناص الفرص التي أتاحتها ظروف كوفيد-19 بالنسبة للتدابير الاحترازية لاجراء امتحانات البكالوريا، كشفت الممارسات التجارية في قطاع التعليم العمومي ببروز “رأسمالية بيروقراطية” تتوسل بنفوذ المسؤولية لتسويق بضاعتها عبر القنوات الإدارية وتحت إكراه متطلبات الظرفية بالجشع وواقع الريع الذي استحكم وعشعش في بعض مكاتب المديريات الاقليمية والاكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.
وأمام الغموض الذي يلف الاجراءات الوقائية والترتيبات الاحترازية للوقاية من تفشي فيروس كورونا خلال فترة امتحانات البكالوريا، فإن الضرورة تدعو قبل أربعة أسابيع عن موعد الإجراء الى إشراك قطاع الصحة إشراكا فعليا وتعيين أطر منه في مراكز الامتحان متخصصة لقياس درجات حرارة المترشحين وتحمل مسؤولية التبعات في ذلك مع ضمان حق الحالات المشكوك في حملها الفيروس في اجتياز الامتحان بتوفير معازل آمنة من المخالطة وتحقق شروط الاختبار السليم.
وتدعو الضرورة أيضا على غرار الإجراءات الجارية تنفيذا لتوجيهات جلالة الملك بإخضاع العاملين في القطاعات الانتاجية لاختبار التحليلات المخبرية للكشف عن الاصابة بالفيروس التاجي، الى القيام بفحص مماثل للأطر المكلفة بالحراسة في فضاءات الامتحان وبتدبير كل العمليات المرتبطة باجراء الامتحانات في المراكز المخصصة لذلك والتي لها اتصال بالمترشحين.
ويجب إلزام الشركات الخاصة المفوض لها تدبير شؤون النظافة والحراسة والمطعمة إخضاع عمالها لنفس الإجراء ضمن الشروط الاحترازية لتجنب العدوى لاسيما في الأقسام الداخلية التي سيلتحق بها المرشحون نزلاؤها عشية موعد الامتحان وسيكونون مضطرين للنوم في مراقد مهجورة منذ 120 يوما وللأكل من أيديهم في مطابخ أكدت لجن تفتيش زائرة انعدام الشروط الصحية في بعضها مع وجود الجرذان والصراصير.
وليس من شك أن تحرك المصالح المركزية المتعبئة في ظل جائحة الوباء العالمي لربح رهان امتحانات بكالوريا 2020 بنموذج فريد لتجمعات بشرية بلا عدوى وبلا إصابات وبائية، بالحزم اللازم والصرامة الواجبة سيلقن سماسرة الأزمات وتجار التعليم العمومي والانتهازيين في مواقع المسؤولية من ذوي (الرأسمال البيروقراطي) درسا تاريخيا اذ تعقبه الجزاءات القانونية والإدارية.
عبدالواحد الطالبي / مراكش