آخر الأخبار

فاتح ماي بدون طعم و لا رائحة نضال استثنائي( عن بعد )

فاتح ماي محطة النضال وفرصة لاحتفالية البروليتاريا المقهورة في زمن النخاسة والتسليع والتواطؤ . لن تنصب المنصات في الساحات العمومية كما هي العادة ولن توضع فيها كراسي من أجل تجسيد مواقف كثيرا ماكررناها أمام أبواب إدارات موصدة ولن تسمع فيها مكبرات الصوت تردد الشعارات التي قليل منها تحقق وأغلبها لفها النسيان والغموض وقتلها التجاهل وكثير من التعنث. سنوات عجاف أرهقن كاهل الطبقة الهشة والمتوسطة ولم تجد فيها لاحساب الجمع ولا القسمة على إثنين ،كل الأحلام والوعود تبخرت ، ولم يبق سوى صدى هتافات مترامية مبحوحة وأرجل تتهاوى متعثرة في أزقة ضيقة تطاردها هراوات المخزن ،وخراطيم مياه جفت ينابيعها في مداشر معزولة لتبعد بقوة جموع المحتجين من أمام قبة البرلمان . وأب آثر أن يساند فلذة كبده تلاحقه تلك المياه القاتلة والغدرة فتلقيه ميتا على أرصفتها. إنه المرحوم حاجيلي. كم من المطرودين والمعتقلين والمعطلين خلفتها هذه السنة من التدبير ؟ ماذا تغير منذ المحطة السابقة حتى نرفع الصوت للإشادة به الآن ونعلن عن فرحتنا بلاحدود من أجل تعزيز الثقة أم العكس هو الحاصل ؟
هذه اللحظة رجعت بي الذاكرة إلى شهور قليلة ونحن نناقش
كيفية العمل لتدبير محطة فاتح ماي في ظل أجواء رمضان، مما دفعني لأتساءل مرة أخرى هل قدرنا أن نحافظ على نفس الطقوس التي يمر فيها احتفال ماي أم الحاجة تبدو ضرورية إلى إبداع صيغ أخرى تحسم وتضع حدا لتلك الطريقة الكلاسيكية القاتلة والروتينية المعتادة ؟ لاشك أن التراكم الحاصل في تدبير المراحل السابقة أفضى إلى نتيجة أن أغلبها حققت تطورا نوعيا وخبرة محترمة في الطرح والمقاربة لكنها تبقى مرهونة بالنتائج والمكاسب أكثر من شيء آخر. فهي محطة هناك من يحلو له تسميتها بعيد والآخر عرس وثالث يسميها احتفال وكل المفردات مرهونة بماتحقق للشغيلة وليس شيء آخر. كل الإمكانات المرصودة لهذه المحطة تحتاج منا لتغيير نمط التفكير حولها ومحاولة إبعادها عن البهرجة واستعراض العضلات أمام خصوم في الساحة وإرسال رسائل لمن يعنيه ولمن لا يعنيه ،والإنتقال بها إلى التأطير والتكوين وتشكيل أوراش للمرافعة المشتركة والتوعية للشغيلة وتمكينها من آليات الدفاع عن حقوقها لانتزاعها. وتشكيل قوافل تضامنية من أجل مساندة المناطق المنكوبة وغيرها من المقترحات التي لاشك أن التنويع والترشيد والتأطير الهادف من خلالها سيجعل حتما المناضل المنتمي إليها أكثر اعتزازا بمنظمته و أكثر شراسة في الدفاع عن مبادئها.
لابد للإشارة لمعطى أساسي يجب أن نتفق حوله أن هناك فئات تحتاج منا لوقفة من أجل توجيه الخطاب لها باعتبارها لا تجيد سوى النقذ والتبخيس وفي أحيان أخرى التخوين للهيئات النقابية وتكتفي بدور المتفرج ، التغيير لا يأتي من البقاء في هذا الموقع بل بالأنخراط والتحرك من الداخل .
الجائحة في اللحظة الراهنة تقدم للتنظيمات فرصة مهمة لمراجعة الذات واعادة ترتيب الأولويات والإلتفات إلى المستقبل بشكل واعي ومسؤول والحفاظ على الدور المنوط بها أن هي أرادت البقاء وهو الدفاع عن الشغيلة وتمثيلها في كل المواقع أحسن تمثيل بالشفافية المطلوبة والصدق في الخطاب وتعزيز مقومات الديمقراطية الداخلية. فهي العوامل الكفيلة بالبقاء والإستمرارية.
فكل عام و العمال بألف خير. ومزيدا من النضال والصمود.
مهما اختلفت الأسامي فسيبقى فاتح ماي محطة أساسية مهما إختلفت مسمياتها لكن لانريدها أن تكون مخذرة للمقهورين تنسيهم كلماتها المعسولة حقوقهم المهضومة.

ذ ادريس المغلشي.