فالصو ليست أغنية للفلامينكو كما يعتقد البعض ولاهي لغز سنواجه إشكالية فك رموزه في لحظة ما . هي كلمة ملتبسة غامضة بها من التعقيدات ما تضعنا أمام عينة من البشر في عمقها وجوهرها هشاشة وفراغ وفي مظهرها والواجهة عكس ذلك . إنها عينة الفالصو التي خدعتنا و لم نكن نتوقع الوقوف على نتيجتها إلا بعد فوات الأوان .فتنتابنا حسرة شديدة الألم من ضياع وقت ليس بالهين من عمرنا ونحن نكتشف عدم أصالة هذا المنتوج المفبرك . كم كنا مغفلين لأننا اعتقدنا في يوم أننا أمام قيمة لها من الخصائص مايمكننا من تنفس كمية محترمة شافية كافية من مادة الاكسجين لتضمن لنا البقاء على هذه البسيطة فتبين أننا وقعنا في خدعة مخدومة الأركان .شبيهة بماجرى من أحداث حين تساءل البعض ممن فقدوا قريبا أو معيلا في ظل غياب هذه المادة الحيوية التي لم نعد نسمع عنها لنذرتها سوى على شاشة التلفاز فنتحسر على الوقائع ونتأسف ويغيب عنا النقاش الحقيقي حول الآليات والضروريات وتحديد المسؤوليات فنفقدها مرتين .
لاتغرك المظاهر فكثير منها فالصو. فهناك من ينتحل صفة ليست له بل تفوق مقاسه وهو يحاول أن يبدو أصيلا وكم من المواقف حين تخضعها للإختبار تنهار مصداقيتها فيفقد صاحبها على الفور أصله التجاري ليبدو في الأخير نسخة مكررة فاقدة لشرعية الأصل لأنهأ بكل بساطة فالصو .قيمتها في رخصها ودنو قدرها ومايدفع البعض لاقتنائها سوى الحاجة والعوز وليس أمرا آخر وهو معطى لايمكن لنا تجاهله .إن عدم جودتها وقلة فعاليتها كماركة مسجلة كسلعة “جوتابل ” ترمى في القمامة فور الانتهاء من استعمالها . هناك بعض العقليات التي تستلذ استعمال البعض منها الفاقد للصلاحية لانها تؤدي دورا ثانويا يسد الفراغ وليس أساسيابالضرورة .ما أكثر العناوين الغشاشة التي غرت الكثير منا بمعسول كلامها المغلف بالورع والثقوى فزال لحظة احتكاك . “ساحت” من فرط ” الزربة” وانعدام التجربة .
الفالصو عنصر مزيف يخدعك بجماله وسحره ولمعانه لكن بمجرد أن تقترب منه وتُمعن النظر فيه تعرف حقيقته وأصله المغشوش ، فكما يقال ” ليس كل مايلمع ذهبا ” فتعلم بعدها أنك إنسان مخدوع بالمظهر فقط، كم خذلتنا المظاهر وكم نصبت لنا الشراك الكلمات وصرنا نسائل دواخلنا أننا عاجزين عن ادراك المسافة التي خطها مهندسوها ولم نعد نقو على الكلام وسهل انقيادنا في فيلق المطبلين لفشلة انتهازيين لايجيدون سوى تنميق الكلام واسناده بشرعية كيفما اتفق . اللبيب من يفطن مبكرا لهذه الخطط الجهنمية فيكشف عورتها ويوقف زحفها حتى لاتأت على الأخضر واليابس .
فالصو لأنه ليس بأصيل في معدنه وهو عامل يجعل منه جينيا يبحث عن الاستفادة واستغلال المرحلة الآنية التي يعيشها قبل انكشاف أمره فعنصر المباغثة والتدليس أمر ضروري ومهم لأن صاحبنا لاماضي له رصين يوجهه ولا مستقبل مشرف ينتظره يعيش للحظة ولايلقي بالا لراسمال المتجسد في الشرف والعفة والكرامة كل القيم التي كان ينادي بها كشعارات ذات يوم في مناسبة معينة هوت الى القعر ولم يلق لها بالا. يتمتع بوقاحة تمكنه من مواجهة كل الطوارئ مهما كلفت دون أن ينتبه لعواقبها.
الأصيل يتمتع بديمومة البقاء على نهج الوفاء للقيم والمبادئ مهما عصفت النوائب واشتد وطيس المواجهة .مستعد للتضحية مهما كلف الأمر بدرجة وقوة انتهازية الآخر الفالصو الذي لاتصمد خصائصه في أول تجربة مجرد فقاعات تتبخر الدوام لله .
ذ ادريس المغلشي .