وجه النائب البرلماني مصطفى شناوي، عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، سؤالا كتابيا إلى رئيس الحكومة بخصوص مشروع قانون 22.20. وتساءل شناوي هل أنتم الآن بصدد صنع 5 ملايين كمامة يوميا لحماية المواطنين من فيروس كورونا ؟ أم أنتم بصدد صياغة قانون يكمم أفواه ويخنق حريات 35 مليون من المواطنين من خلال مشروع قانون رقم 22.20.
وقال شناوي : إنني أراسلكم اليوم بخصوص نسخة متداولة لمشروع القانون رقم 22.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة، التي أرسلتها الأمانة العامة يوم 18 مارس 2020 تحت رقم 0076/د لأعضاء حكومتكم، وأصدرتم بلاغا يوم 19 مارس 2020 أكدتم فيه على أن مجلس الحكومة قد تدارس وصادق على المشروع الذي قدمه وزير العدل مع الأخذ بعين الاعتبار لملاحظات اللجنة التقنية والوزارية.
السيد رئيس الحكومة، لن أناقش لماذا لم تنشروا المشروع طبقا للقانون في موقع الأمانة العامة للحكومة ليطلع عليه المواطنون، وكذا ما قلتم وما عبر عنه وزراؤكم في العدل وحقوق الإنسان بأن الأمر يتعلق فقط بمسودة مازالت تناقش وليست نهائية وما إلى ذلك، لأن العذر أكبر من الزلة. ولولا اجتهاد بعض المواطنين وربما بعض الخلافات لما تسربت مقتضيات المشروع الذي صدم الجميع، لكنني سأساءلكم :
لماذا لم تفكروا قبل الإقدام على صياغة هذا القانون الذي يهم كل المواطنين وعدة هيئات ومهن في فتح نقاش وطني حول الموضوع وإشراك الجميع لوضع تصور وبناء توافق يحافظ على الحريات، ولماذا لم تسلكوا أسلوب الحكمة والديمقراطية التشاركية عوض التعامل بمنطق الأغلبية السائد لديكم ؟
إنه لا يمكن التفكير في بلورة أي مشروع قانون إلا بتوجيه منكم كرئيس الحكومة أو بعد اتفاق بينكم وبين الوزير المعني وفي حالتنا هو وزير العدل. فكيف فكرتم في مضمون مشروع تراجعي يكبّل الحقوق ويخنق الحريات ويرفض التعبير الحر ويكمم الأفواه ويخرق الدستور ويعيد السلطوية المقيتة ويضرب المكتسبات الحقوقية التي حققها المغاربة بفضل نضالات قواهم الحية ؟
وكيف سمحت الأمانة العامة بتلك الصيغة المتناقضة مع الدستور وهي المكلفة بالتحقق من مطابقة القوانين لأحكامه ؟
و ما معنى المصادقة على المشروع عشية بداية حالة الطوارئ الصحية، هل لاحتمال إمكانية فرضه بسهولة ؟
و هل كان من الضروري الإسراع بإخراج قانون غير عادي في زمن غير عادي ؟
أعلنتم عن مصادقة مجلس الحكومة على المشروع، وفي نفس الوقت عبرتم أنتم وبعض الوزراء بأنه مازال قيض الدرس في لجنتين. فإذا كان قد اعترض أو تحفظ عليه بعض الوزراء، فعن أي مصادقة تتكلمون ؟ ولماذا غياب الشفافية بخصوص قضايا تهم حريات المواطنين يضمنها الدستور ؟
في مذكرة التقديم التي قدمها السيد وزير العدل، أشار إلى الملائمة مع اتفاقية بودابيست المتعلقة بالجريمة الإلكترونية التي صادق عليها المغرب في يونيو 2018، نعم ولكن هذه الاتفاقية صنفت أنواع الجرائم الإلكترونية ولم تعتبر أبدا كجرائم بعض الأفعال أو المبادرات مثل الدعوة إلى مقاطعة بعض المنتوجات أو التشكيك في جودتها أو مقاطعة خدمات أو حمل العموم على سحب الأموال من المؤسسات البنكية وغيرها… بل إنكم قمتم بتكييف اتفاقية بودابيست مع الخصوصية المغربية بطريقتكم بخلق وإبداع جرائم غير مسبوقة لخنق الحريات، بل يبدو بوضوح بأنها خلِقت على المقاس. إن صيغ تعريف ما اعتبره المشروع جرائم هي صيغ فضفاضة وقابلة للتأويل في اتجاه الجزاء والعقوبة.
السيد رئيس الحكومة، عوض أن تتعاملوا مع الموضوع بمقاربة حقوقية، غلّبتم الطابع الزجري والجنائي و”كل ما من شأنه ” في المشروع ومقاربتكم الأمنية المستمرة مند مدة والإمعان بكل الطرق في ضرب الحريات ومواثيق حقوق الإنسان في شموليتها.
ألم تستوعبوا التطور الرقمي وما أصبح يشكله في عالمنا، ألم تستحضروا دقة وحساسية اللحظة المتأزمة وتحولاتها التي يعيشها المواطنون بشكل غير مسبوق وهم يتقبلون بصدر رحب الحد من حريتهم ؟
هل تسعون من خلال هذا المشروع لإعطائنا فكرة عن نموذج استبدادي جديد يجرّم كل شيء ويذكرنا بما هو آت ؟
إن كان ذلك هو المعنى، أدعوكم السيد رئيس الحكومة إلى التفكير من الآن في إحداث صندوق بحساب خاص لبناء سجون جديدة لأن عدد المجرمين حسب مشروعكم سيكون بالملايين، لأن المغاربة لن يقبلوا بالمزيد من خنق الحريات وتكميم الأفواه .
وفي هذا الإطار، أسائلكم السيد رئيس الحكومة عن متى ستسحبون بالمرة ذلك المشروع/المسودة، وتركزون أكثر على الأهم وهو طرد المجرم الحقيقي والخفي فيروس كورونا وتوفير الحماية والعناية اللازمة للذين يحاربونه.