د، ع، الصمد بلكبير
تأسس مفهوم المواطنة، مع تأسيس الأوطان(عوض الإمبراطوريات وتوابعها من الإمارات والولايات) في العصر الحديث(=الحداثة) ومن تم، المجتمع المدني والدولة الحديثة، وبعدها الديمقراطية،
لم يكن تمة حاجة، ولا معنى للتمييز بين المواطن عن الوطني، لقد كان المفهومان متطابقين،ونسبيا هما كذلك حتى اليوم بالنسبة للدول ذات السيادة الكاملة حقا،
اضطرار الرأسمالية في مواطنها الأصلية في أوربا القرن19 خاصة، إلى التوسع الاستعماري، سبيلا لتجاوز ازماتها(في اليد العاملة/الاسواق/المواد الاولية/الغذاء،،) هو ما أوجد حالة ومفهوم الوطنية في مواجهة الاحتلال الراسمالي الاستعماري، (وهو غير التوسع الإمبراطوري السابق عليه)
تأسست الوطنية في المستعمرات
سبيلا لمواجهة المستعمر، للحصول علي المواطنة وشرطها
استقلال الوطن وسيادته، خلاف
الحالة الغربية، حيث كانت مواجهة (الرعايا) مع الاقطاع المحلي، لا مع مستعمر راسمالي اجنبي،؟! وخلال ذلك، لم تكن تمة حالات لمفهوم الخيانة أو العمالة،، (=الطابور 5) مقارنة إلى واقع المستعمرات، حيث انحاز الكثير من شيوخ القبائل والطرق والتجار،، إلى صف المستعمر، وانتجوا بذلك وضعية ومفهوم الخائن أو العميل مقارنة، وفي مواجهة الوطني وعموم الشعب،
الذي لم يتحصل بعد على وضعية وحقوق المواطنة،
في شروط راهن الاستعمار الجديد والمتجدد، أضحى الجميع مواطنا، ولكنهم ليسوا جميعا وطنيين، بل فيهم، أفراد أو فئات
عديمي الوطنية،قبليين، عولميين،كومبرادور، يفضلون التبعية، على الاستقلال الوطني والوحدة القومية، ولا يقيمون اعتبارا لمسألة السيادة، ويصفون ذلك بنعوت متعددة، اخرها(المواطنة العالمية)
هؤلاء، هم من يصنفون اليوم باعتبارهم (طابورا سادسا) خطوطهم السياسية واحدة، (=عولمية، لا عالمية) وايديولوجياتهم شتى، قد يكونون متدينين، أو حداثويين، أو قبليين(في الصحراء/تنغير/الريف الغربي،،) او ماركسيين(تروتسكيين وفوضويين) او فرنكوفونيين، أو صهاينة أمريكانيين،،، أو حتى ديمقراطيين،، ولكنهم لا وطنيين،
وأحرى مغاربين أو قوميين عروبيين(باعتبار الجغرافيا، لا اللسان أو العرق،،، الذي لا وجود له ولا معنى؟!)
إذن فتمة بون بين المواطنة والوطنية، فان تكون مواطنا، لا يستلزم بالضرورة أن تكون وطنيا، مع ان العكس صحيح، إذ الوطنية تشترط المواطنة ضرورة،
هذه الازدواجية لا معنى لها عموما في الدول الاستعمارية(عدا حالات انتهازيات فردية) ولكنها ظاهرة اجتماعية-جغرافية-أيديولوجية وسياسية مستشرية في المستعمرات، خاصة وأن أكثر أنظمتها، لا تقاوم العولمة الثقافية
والعدمية الوطنية الملازمة لها،سواء في التعليم أو المسجد أو الإعلام أو الأسرة،،، أو الاقتصاد، بل العكس هو السائد غالبا، و وهم المقاومة عن طريق التدين أو الفلكلور والعاميات والكرة،، يفاقم الوضع ويعمقه، ولا يعالجه،
ان تكون حداثيا حقا وديمقراطيا
صدقا واسلاميا تقيا واشتراكيا علميا،،، يجب اولا ان تكون وطنيا
لا فقط مواطنا،
المواطنة حقوق، هي حالة وجود
قانوني موضوعي، وليست خيارا
اما الوطنية فهي واجبات نضالية، هي حالة وعي اجتماعي – تاريخي، والتزام سياسي، واستعداد للتضحية بالوقت(المثقفين) وبالمال(البورجوازية) وربما بالنفس أيضا عند الضرورة، كما هو حال الفداء الفلسطيني، وجنودنا في الجنوب الصحراوي،
رجاء، لا تخلطوا بين المواطنة والوطنية،
(فشتان بين الخل والخمر) شتان بين الأمرين وبين الحالتين،
تمة مواطنون سفهاء، فاسدون، غشاشون، انانيون، عولميون وأحيانا حتى عملاء مخبرون،
وتمة وطنيون، وهذه حالة عموم
الشعب، وقلة من نخبه اليوم للأسف، بعد أن كانوا أغلبية ساحقة، في الإدارة وفي الأحزاب والنقابات والجمعيات،،
وبخلاف العلاقة السابقة مع الاستعمار القديم الذي كان لا يشجع ولا يستجيب لمطالب وحقوق المواطنة لاهالي(=رعايا)
المستعمرات، فان الاستعمار الجديد على العكس، يوظف المفهوم (شعارا) لاحراج الأنظمة الممانعة والمقاومة للاستتباع، ويعمق تناقضاتها الثانوية مع شعوبها، ويوسع مفهوم حقوق المواطنة لتشمل قيم (مابعد الحداثة)
كالمثلية، والتهتك، والتفكيك السياسي – الاجتَماعي والمجتمعي، والقمار والمخذرات والعهارة والخيانات بجميع انواعها،،،
في الليبرالية المتوحشة،فان جميع ما تجاوزته البشرية التاريخية والحديثة، من رذائل وجرائر وقبح وحرام ودنس وعيب،، أضحى جميلا، موضة، حرية، بل وحتى مقدسا؟!