محمد نجيب كومينة
فرنسا تنتحر سياسيا و ديبلوماسيا وثقافيا واقتصاديا وجيوسياسيا
العجرفة الزائدة في غير وقتها، والاستسلام ليمين متطرف اعمى، و الحسابات الضيقة المقطوعة عن التاريخ والمسؤوليات المترتبة عليه، و ضعف الذاكرة، والهزال الثقافي لنخبة حاكمة و لادارة متردية …امور تقود لا محالة الى فقدان القدرة على التكيف مع الوضعيات المتغيرة بما يلزم من المرونة، وتلك مشكلة فرنسا حاليا.
فرنسا تشتري العداوات المجانية حاليا، وفي تاريخها الاستعماري اصلا ما يحرك تلك العداوات ويؤججها ان كان يعلم بذلك ماكرون ومن يقفون وراءه، و لا تتردد في الاقدام على خطوات حمقاء خرقاء ضد من يفترض انهم اصدقاءها وبشكل لا يخلو من استفزاز.
سلوكها فيما يتعلق بالتاشيرات مع المغاربة مثلا، وبغض النظر عما يمكن ان تتدرع به باعتبارها جزء من الفضاء الامني لشنغن، واحد من الاخطاء التي لا تغتفر، لانه سلوك يتعمد الاهانة ويستدعي، في رايي، رد الصاع صاعين حفاظا على هيبة الدولة المغربية الغيورة على الاستقلال الوطني وعلى علاقات تقوم على الاحترام المتبادل بين المغرب وبين كل شركائه وعلى مصالح المغاربة الذين يتعرضون للنهب واللصوصية غير المتخفية من طرف القنصليات الفرنسية على الخصوص، والقنصليات الاوروبية التي تعتبر فرنسا مرجعا في المغرب او الفضاء المغاربي عامة، وحفاظا على الكرامة الوطنية التي دافع عنها مقاومون ووطنيون بدمهم وارواحهم.
القنصليات الفرنسية في المغرب نموذج للقنصليات في باقي البلدان الافريقية التي كانت خاضعة للاستعمار الفرنسي حيث يعين موظفون جاهلون بالتاريخ وبالسياسات الفرنسية و بالثقافة الفرنسية يتصرفون كما لو ان الاستعمار لم ينته بالمقاومة وبقرار اممي وكما لو ان مواطني البلدان الافريقية يستمرون في استجائهم، بينما المعروف عالميا ان فرنسا بدون افريقيا وما تنهبه بها تفقد جزءا معتبرا مما تعتبره ثروة وطنية وتفقد موقعها الدولي و تتراجع، كما اشار الى ذلك ممثلو اليمين المتطرف الايطالي الذي لا يعتبر نموذجا الا للمتطرفين، الى المرتبة 15 عالميا من حيث الثروة.
غير خاف ان للفرنسيين تجارب سيئة كان ثمنها باهضا بالنسبة لفرنسا، ومن بينها تصرفها مع المانيا بعد اتفاقية فيرساي في نهاية الحرب العالمية الاولى الذي كان تصرفا متعجرفا و استفزازيا وتحقيريا للالمان، حيث يتحملون مسؤولية كبيرة في صعود النازية وهتلر و في اندلاع الحرب العالمية الثانية التي ذهب ضحيتها عشرات الملايين من البشر، ومنهم عدد كبير من المغاربة والافارقة.
فرنسا تنتحر اليوم لانها تخلق مزيدا من الاعداء ببلادة لا تليق بها، والنتيجة الاولى التي يمكن ان تتلوها نتائج اسوا هو خروجها مهزومة في افريقيا الوسطى ومالي وبوركينا فاسو، حيث باتت روسيا، التي لا تستند الى تاريخ استعماري في المنطقة ولا تتحرك اليوم على اساس ايديولوجي، حليفة لحكام هذه الدول المعادية لفرنسا بالدرجة الاولى.
ليس لهذا التعليق علاقة بشخصي، لا نني قررت مند سنوات ان اغير الوجهة في حال ما اذا توفرت لي امكانيات للسفر الى الخارج، وان لا اذهب لا الى فرنسا ولا اي بلد اوروبي ينظر لي فيه على انني مشروع “حراك”. الاوروبيون يشيخون و يصبحون جراء ذلك اكثر محافظة وعنصرية واقل ثقافة وتحضرا، و لذلك لا عجب ان يرتفع منسوب العدوانية والعنصرية والمحافظة لدى قنصلياتهم وسفاراتهم واداراتهم.