علمت ” مراكش اليوم ” أن أستاذا جامعيا بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بمراكش، متورط في سرقة موصوفة.
جاء ذلك على لسان الكاتب و المترجم الدكتور الجزائري، عبد الرحمان مزيان، الذي وصفها بسرقة من نوع خاص لم يسبق له مثيل في تاريخ السرقات الأدبية.
وأوضح المتحدث ذاته، في تصريح اعلامي سابق، ” أن الكتاب يمكن أن يسرق إذا كان مؤلفا، لكن في حالة الترجمة لم أكن أتوقع ذلك” .
الدكتور عبد الرحمان مزيان، ترجم العديد من الكتب منها المجموعة الشعرية الكاملة لجمال عمراني، إشكالية الترجمة لبول ريكور ، رواية الغزوة و رواية الخنوع لأمين الزاوي ، رواية المدينة المحمومة لرابح سبع، رواية عشر سنوات من العزلة لبوزيان عاشور، و مفاهيم سردية لتزيفطان تودوروف ، هذا الأخير هو الذي تعرض للسرقة من طرف الأستاذ الجامعي المراكشي الكبير .
وأوضح الدكتور عبد الرحمان مزيان لإحدى الصحف بشمال المملكة ” لقد قمت بإصدار الترجمة عن طريق صندوق الإبداع تحت وصاية وزارة الثقافة الجزائرية في سنة 2005، وقد أنجز من قبل جمعية اختلاف. بعد وقت قصير نفذت الطبعة الأولى؛ وذلك لأهمية الكتاب، قدمت عدة عروض لمجموعة من الناشرين داخل وخارج الوطن لإصدار الطبعة الثانية على أن يكون جزء من عائدات الكتاب وحصتي لفائدة الأطفال المصابين بداء السرطان في البلد الذي سينشر فيه فقط.
وأضاف مزيان ” عرضت على ناشر سوري أن تكون العائدات لفائدة أطفال الجولان ضحايا النفايات الإسرائيلية السامة، لكن لحد الآن لم أتوصل برد إيجابي وهذا شيء طبيعي لأن الناشرين في الوطن العربي لا يهمهم سوى نهب الكتاب أما القضايا الوطنية والإنسانية فهي آخر اهتماماتهم.
وأبرز مزيان انه بعد مدة تم الاتفاق مع الأستاذ الدكتور ” ع ج ز ” من جامعة مراكش بخصوص الطبعة الثانية بالمغرب. بعد مدة بعث إلى برسالة مفادها أنه وضع مقدمة طويلة للكتاب وطلب مني فيها أن أبعث له بمبلغ يعادل 12000 درهم مغربي، ردي كان أني لن أدفع أي دينار بخصوص طباعة الكتاب وذكرته أن يطبع الكتاب بدار نشر محترمة على أن تكون حصتي مجموعة من النسخ. رده كان أنه سيطبع الكتاب بطريقته الخاصة. لكني تفاجأت يوم صدوره باسمه على صفحة الغلاف في المقام الأول واسمي في المقام الثاني. لم أجد المقدمة الطويلة التي حدثني عنها، ثالثا أضاف إلى مقدمة الطبعة الأولى أربعة أسطر فقط. ثم غير بعض المفاهيم بأخرى مغلوطة وهذا خطير بحيث أسقط الجانب العلمي عن المفاهيم المغيرة. ليس هذا وحسب أضاف أشياء لم يقلها الكاتب الأصلي – تزفيطان تودوروف – مثل بعض التهميشات لجيرار جينيت وهذا ما أسقط العلمية عن الكتاب كله. لذا أوصي بكل من اقتنى الكتاب من معرض الكتاب والنشر بمدينة الدار البيضاء بالمغرب أن لا يستعمل الكتاب في أي بحث علمي.
وشدد الدكتور الجزائري على أن الكتاب يمكن أن يسرق إذا كان مؤلفا. لكن في حالة الترجمة لم أكن أتوقع ذلك. حسب ما أعرف أن سرقات الترجمة لم تحدث أبدا في الوطن العربي نظرا لصرامتها وقلتها. لكن الذي حدث ربما هي أول سرقة في التاريخ الأدبي منذ حمو رابي إلى اليوم. وبهذا يكون السارق الدكتور المراكشي الذي ما فتئ يتغنى بالنصال و التقدمية وهي أمور بريئة منه، قد دخل التاريخ من هذا الجانب. إن عملية السرقة معروفة في تاريخ الآداب العالمية. لكن الطريقة التي ابتدعها المعنى بالأمر فريدة من نوعها. حتى أنه توقع المحاكمة وأوجد بعض التبريرات كما قال لي المحامي، من أنه ساهم بجهد ما في تقويمها. لكن ما متعارف عليه في الترجمة أنها تكون ثنائية أو جماعية في الطبعة الأولى وليس في الثانية، هذا معروف.
وأشار مزيان إلى أنه لم يتصل بالديوان الوطني لحقوق المؤلف، لأنه أوكل الأمر إلى المحامي هو الذي سيتولاه. بحسب القانون أن الدعوى ترفع في البداية بالبلد الذي طبع فيه الكتاب من اجل حجز النسخ. واستجواب السارق ودار النشر التي تجاهلت القوانين وعملت على طباعته دون إذن لا من الكاتب ولا المترجم وبدون أي وثيقة. بعدها سترفع قضية أخرى ضده بالجزائر. حينها سيكون الديوان وزارة الثقافة وجمعية اختلاف أطرافا في القضية، مؤمدا أن السرقة الأدبية واردة ومتوقعة. حتى أن النقاد العرب وغير العرب قد افردوا لها جانبا مهما في تنظيراتهم. وميزوا بينها وبين المتشابهات والصدف وغيرها. كما أن القوانين الحالية وضعت لها قوانين وعقوبات صارمة. لكنها تبقى قائمة لأن اللصوص موجودين في كل الأحوال. لذا يجب التشهير بهم وتقديمهم إلى العدالة.
واختتم الدكتور مزيان حواره، بأنه بعد اكتشاف السرقة أوكل محامي مغربي بمدينة الدار البيضاء وقد رفع دعوى ضد الدكتور السارق بمحكمة الدار البيضاء. كما أن الروائي والسيناريست المغربي صديقه الأستاذ نور الدين وحيد قد ناب عنه في رفع الدعوى وذلك لتعذر حضوره بالمعرض الدولي للكتاب والنشر بالمغرب. وأنه بانتظار ما أسفرت عنه نتائج المحكمة .