محمد الحبيب طالب
كتبت هذه المقالة قبيل الحدث الموجع والمؤلم الذي نال من المقاومة اللبنانية باستشهاد قائدها الفريد الشخصية الكارزمية “السيد حسن نصر الله”، واستشهد قادة وأطر كبيرة من الحزب ومن حلفائه الإيرانيين. وعندما أعدت قراءة ما كتبت على ضوء هذا الحدث الكبير، ارتأيت ألا أغير كلمة واحدة منه، لأن خياري واقتناعي وتقديراتي لن يغير منها شيئا هذا الحدث المؤلم، واكتيفت بتغيير العنوان بٱخر كما هو أعلاه، مراعاة لأجواء الحزن والصدمة. وها هو النص حرفيا كما كان حاله عندما كتبته أول مرة .
لأول مرة أكتب وأنا لا أضع عنوانا مسبقا لما سأكتب، إلا بعد أن أفرغت بعض ما في رأسي، لما اعتبرته خطوطا رئيسة، تطورت إليها معركة طوفان الأقصى، وما تنبئ به في المستقبل القريب والبعيد. وكلمتي الأولى في هذا الصدد، “تضامنوا مع فلسطين، ولا تيأسوا، النصر قادم ” أقول هذا، وأنا أعرف أن المنعطف الحرج الذي بلغته الصراعات الجارية حمالة أوجه، نصرا أو هزيمة أو تعادلا. ومع ذلك، فإن من يقرأ العناصر الفاعلة في موازين القوى لهذا المنعطف، قد ينتهي معي إلى الخلاصة التالية: في الحروب الوطنية المعاصرة، لم ينتصر يوما العدو المحتل المتفوق عسكريا وفي جميع عناصر القوة الأخرى. بل كان ينتهي دائما إلى انغلاق لأفقه الاستراتيجي وإلى الاعتراف بحق الشعب المظلوم. وهذا ما سنراه في التفاصيل القادمة. وهذه الخلاصة التاريخية تحتوي ضمنا على أن من يدركها، يستطيع أن يبصر آفاقها في التفاصيل الصغيرة والكبيرة. ولهذا لا بد أن يكون في المنطلق مؤمنا بحق الشعوب في تقرير مصيرها، أي أن تكون له قضية يدافع عنها. فليس هناك من حياد مطلق . أو من موضوعية مجردة خالصة، لأن هذا الزعم لا يليق إلا ب “روبو”، مادام الإنسان ليس إلا تكثيفا أعلى لعلاقاته الاجتماعية في مرحلة من مراحلها. ولهذا، أقول ثانية، حذاري ثم حذاري في زحمة الوقائع المؤلمة أو المبشرة، من كثرة هؤلاء الزاعمين للحياد المطلق في الظاهر، لا سيما وقد أضحى جليا في العقود الأخيرة على الأقل، أن الإعلام بات من أهم جبهات الحرب النفسية .