آخر الأخبار

في الذكرى الأولى لـ 7 أكتوبر.. يرحل الشهداء وتستمر المقاومة – 3 –

محمد الحبيب طالب 

هذه الملاحظة، كما بينت تبدو لي سارية المفعول على الوضع الحالي للولايات المتحدة ولحلفائها الأمبرياليين ولإسرائيل أيضا، باعتبارها قاعدة ضاربة في النظام العالمي الأمبريالي الوحيد القطب، ينطبق عليها ما ينطبق على مكوناته الأخرى الرئيسة. وباختصار شديد، أي تحليل يغفل عن مفهوم “الأمبريالية “في تحليله للنظام العالمي، وبما هو استخلاص لمنهجية أشمل في التحليل تعطي الأولوية للكشف عن مكامن الاستغلال والاستعباد في كلية البنيات الاجتماعية القائمة وطنيا وعالميا، ويهدف إلى تجاوزها والتحرر منها. أي إغفال من هذا النوع في أية منهجية أخرى، لن يقدم في أفضل الأحوال سوى صورة مسطحة أو فكروية تستلذ ذاتيا بتوالد الأفكار الغارقة في التجريد لكنها لا تحبل بأي مشروع إنساني تعبوي تغييري. ويحضرني هنا مثلا، تصورات نقدية كثيرة سقوفها ليبرالية تُحيل المآسي الإنسانية إلى الحداثة نفسها بدل أن تحيلها إلى معوقات بنى النظام الرأسمالي الذي أخد بعضا منها بالقدر الذي يسمح له بتكريس الاستغلال والاستلاب والاستعمار والهيمنة .
وبالعودة إلى موضوعنا المباشر، يبقى السؤال قائما، لماذا تبدو السياسة الأمريكية في المسالة الفلسطينية تابعة في التفاصيل العملية لما تريده الإدارة الفاشية لإسرائيل. ليس صعبا على أي متابع أن يتبين العنصرين الفاعلين المتناقضين في نفس اللحظة، واللذين يجران الولايات المتحدة إلى مسارها الديبلوماسي المتلعثم والفاقد القدرة على كبح الفاشية الإسرائيلية. فمن جهة، أمريكا تخوض” حربا عالمية ” غير مباشرة في أوكرانيا مع روسيا الاتحادية وتستعد لها مع الصين، وإن مازالت ساحتها الرئيسة اقتصادية إلى اليوم، وهاجسها الاستراتيجي، العسكري وغيره، في أغلب بقاع العالم (وكما قلت مرارا) الأولوية للحفاظ على مكانتها على عرش النظام الدولي. وفي هذا السياق، لا يمكنها قطعا أن تقبل بأي شكل لهزيمة متوقعة لأداتها الضاربة إسرائيل لما سيتلو ذلك من تغيرات لموازين القوى في المنطقة عامة، ولما سيحدثه بالتالي من تأثير قوي على مجمل الصراعات العالمية أيضا. والثغرة الاستراتيجية المستعصية على الحل لدى أمريكا وحلفائها، أن الأمر لا يتوقف على تحريك ما لديهم من عناصر ” القوة المفوتة” لدعم إسرائيل، وإنما أساسا على صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته، وعلى جبهات الإسناد، بل وعلى كل الطاقات التي ما زالت كامنة لدول المنطقة ولشعوبها، إذا ما طالت حرب الإبادة. ومن جهة ثانية، تجد الإدارة الأمريكية القائمة نفسها، وهي تخوض هذه المعركة بجانب إسرائيل في ظرفية انتخابية رئاسية غير ملائمة وضاغطة عليها