آخر الأخبار

في الذكرى الأولى لـ 7 أكتوبر.. يرحل الشهداء وتستمر المقاومة – 4 –

فإذا كان الوضع الانتخابي يكاد يكون متعادلا في تارجحاته الممكنة كما تظهر ذلك استطلاعات الرأي بين المرشحين ” الديمقراطي والجمهوري”، فإن الحزب الجمهوري أكثر اطمئنانا على كتلته الانتخابية الصلبة في نسبة كبيرة منها، بينما على الحزب الديمقراطي أن يحسب ألف حساب بين الوزن الانتخابي الكبير للنفوذ والهيمنة الأيديلوجية الصهيونية، على النخب وقطاعات واسعة في المجتمع، وبين المعارضة النامية لصالح فلسطين داخله وخارجه من جماهيره الناخبة وفي طليعتهم الشبيبة الطلابية الجامعية . ويظهر أن الإدارة الأمريكية قد غلبت في تقديراتها الانتخابية (مع ترشيح كمالا هاريس) مصلحتها العالمية في دعم إسرائيل ، ورجحت في حساباتها الوزن الثقيل للصهيونية على الحياة السياسية العامة، تاركة دور المعارضة الداخلية لاحتواء تبعاتها للتعاملات الظرفية. ولهذا جميع العمليات الإجرامية المنفلتة التي قامت بها إسرائيل، بعد خطاب “نتنياهو”­ أمام مهرجان الكونغريس التكريمي لفاشيته، كانت بمباركة أمريكية لها، بعد أن تنصلت الإدارة الأمريكية من خطوتها الفريدة المتوازنة فيما عرف بمشروع بايدن للسلام في غزة، والذي تبني أسسه قرار مجلس الأمن، واستندت حماس والمقاومة عليهما في موقفها الإيجابي منهما معا.
قد لا تكون هناك فائدة كبرى في تفكيك اللغة الديبلوماسية الإنشائية المنمقة لأمريكا ولحلفائها. فمن الواضح لدينا أن، بعد اندفاعهم الجماعي الأعمى بجانب السردية الصهيونية بالكامل طيلة الأشهر الأولى من الحرب على غزة، بدأ لحنهم يتغير قليلا تجاه الهمجية الإبادية الإسرائيلية، لاحتواء التحركات الشعبية الضخمة المناصرة لفلسطين في بلدانهم، ولفشل العدوان الإسرائيلي في تحقيق أهدافه حتى النصر الكامل. صلب هذه الديبلوماسية المبنية على مصلحة رجعية عالمية عارية، لا أخلاق ولا قوانين دولية، تضبطها وتلزمها، أن الزمن لديها مطاط لا قيمة إنسانية له، مهما كانت التضحيات الفلسطينية غالية ودامية. مادام البحث جاريا على صورة ما لنصر سياسي إسرائيلي مزعوم .
ولعل ما يثير الفضول أكثر في السياسات الدولية الغربية عامة، ليس ما يتداول عنها من “ازدواجية المعايير” في كافة القضايا الكبرى الراهنة، فهذه واضحة وضوح الشمس. أما ما ينبغي أن يثير حقا، انكشاف أزمة الديمقراطية ومؤسساتها الليبرالية في الغرب الأمبريالي عامة. ثمة مقولة قديمة نسبيا، واكبت عصرنا الحديث تحديدا مفادها ، ليس شعبا حرا من يحتل شعبا آخر . لأن الحرية والديمقراطية إذا ما فقدا أو انفصلا عن جذرهما الاجتماعي الإنساني المساواتي والعادل، يتحولا إلى مجرد آلية تقنية لصالح أقلية حاكمة ما. ورغم كل المزايا النسبية المعروفة للديمقراطية الليبرالية ولحرياتها. فإذا ما توقف الجذر الاجتماعي الإنساني بذاك المعنى، توقف دينامو التقدم والتطور التاريخيين. فلا الحرية ولا الديمقراطية كعكة تؤكل في لقمة واحدة.