محمد الحبيب طالب
وليس مبالغة مفرطة مني، أن التناقضات الجارية في المجتمعات الغربية اليوم، تومئ بأن مؤسساتها الليبرالية قد استنفذت كل ما كان في مقدورها أن تعطيه لأهلها، إن نحن غضضنا النظر عن مجراها التاريخي الاستعماري. ولأن الموضوع وسيع للغاية، ويفيض عن حاجتنا الملحة، وريثما أتناوله في حلقة خاصة، أقف عند ملاحظات سريعة.
•- بات على المكشوف تدخل السلطات في قمع كل أشكال حرية التعبير والاحتجاج في البلدان الغربية الرئيسة، وهي الأساس الأولي للديمقراطية الليبرالية .
•- ليس صدفة أن النظام الليبرالي الرأسمالي في جميع أزماته الكبرى يستولد دائما بديلا ارتداديا متطرفا لتكريس أيديولجية الاستلاب الدفينة والمتبقية في اللاوعي الجمعي كآلية مستقطبة وانقادية للنظام الرأسمالي. وهذا ما بينته ميولات انتخابات برلمان الاتحاد الأوروبي الأخيرة. وليس بعيدا عنها الوضعية الانتخابية الجارية في الولايات المتحدة، ولا أقل منها فوز حزب العمال البريطاني الذي تصهينت قياداته وزادت تبعية استعمارية وراء أمريكا. وأهم ما في هذه الظاهرة الجماعية ترهل النخب الحاكمة وانفصالها عن تطلعات ومشاعر شعوبها حتى و هي منتخبة.
•- الانتخابات ومؤسساتها وقوانينها وصنمية الثقافة السياسية المستلبة الحاضنة لها ما عادت تنجب دينامكية اجتماعية ذات أبعاد تقدمية تاريخية سوى اللعب على بعض الفروقات الفئوية المصلحية الآنية التي تفرزها التناقضات الثانوية للنظام نفسه، وبما يبقي على السيطرة الكاملة لذوي النفود المالي وما يسمى تلفيقا بالدولة العميقة غير المنتخبة. ولهذا تظل التطلعات الشعبية المعارضة محجوزة النمو والسيادة، ما لم ترتق إلى امتلاك رؤية نقدية لكلية النظام الرأسمالي وطنيا وأمميا ودوليا.