في نقد اللَّبس الحاصل بين الفعل السياسي والخطاب الإنتخابي
*مصطفى المنوزي
إن بعض الكتاب يبذلون مجهودات مشهودة ، في رصد المعطيات المعروفة ، إلى درجة الإبتذال ، إعلاميا ، ويحاولون تحرير مقالات أقل ما يقال عنها أنها انطباعية لا تخرج عن الحقيقة الإعلامية المتداولة والسوسيولوجية المألوفة ، فهم غالبا ما يختزلون الأزمات والإحتقانات في تضخم التحكم ، لكنهم ينسبونه للحكومة ورئيسها وحزبه فقط ، والحال أن مجلس الوزراء ومستشاري المؤسسة الملكية من يدبر تفاصيل المشهد السياسي نفسه بواسطة موظفيها بمن فيهم الوزراء ، وللأسف يعتبرون الوضع الصحي للملك وعدم ظهوره إعلاميا سببا في هذا التحكم الحكومي …إنها مقالات مظهرية ( تعتمد الظواهر بدل الجواهر ) وبالتالي فهي توصيفية تفتقر إلى التشخيص والتحليل العميق ، فنحن بصدد بنيات دولتية ومؤسسات مستمرة في الزمان والمكان ، أما صراع المؤسسات هو انعكاس منضبط للسياسة العامة بخلفياتها الأمنية وتداعياتها المالية وآثارها الإجتماعية ، وبذلك فالحكومة لا تشكل إلا ذيلا للسلطة التنفيذية ، ناهيك عن كون ثلثها سيادي يلعبون بقميص تقنوقراطي وبألقاب حزبية ، في حين لا يمكن إدعاء أي انفلات عن قواعد التوجيه والضبط في ظل سيادة خطاب يهيمن عليه قاموس توجسات بناء الدولة الإجتماعية المتأثر بمناخ إكراهات و هواجس الوحدة الترابية والمخاطر الخارجية . إن المطلوب ليس معرفة ما يجري وتسجيل مواقف ، وإنما المنشود هو بلورة افكار ومشاريع حلول ، وهذا من الناحية النظرية والدستورية من أدوار السياسات العمومية أي دور الأحزاب عبر وعاء الديمقراطية التمثيلية ، فهل يمكن الرهان على بنيات حزبية هشة ، تم التسليم فيها للأمر الواقع بذريعة ” كم من حاجة قضيناها بتركها ” ، ولعل الإعتقاد المطلق للفاعلين السياسيين من حزبيين ومنتخبين بأن الأمن كالشؤون الدينية والسيادية والخارجية مجال محفوظ لخير دليل على صعوبة الإنتقال أمنيا على الأقل وبالأحرى الإنتقال ديمقراطيا . فمتى سيفتح نقاش سياسي حقيقي حول المصير والآفاق ؟
*رئيس المركز المغربي للديمقراطية والأمن