إدريس المغلشي
لست متخصصا سياسيا لأجيد قراءة بيان القمة العربية الأخيرة .لكن من موقع المتابع أستطيع بسط أفكار على هامش الانعقاد . انتهت القمة كما بدأت على مايبدو مفرغة من مشاعر الحماسة والخوف كما بدأت .بعدما تذكروا أن هناك هيئة لم نعد نسمع بها سوى في الأزمات التي تزيدها تعقيدا ، بعدما تخلت عن المبادرات وحسم كثير من قضايا العريية الداخلية .لم يسجل في تاريخها سوى تعزيز قرارات خارجية لتعميق جراح الداخل.اتساءل مع نفسي كلما اثير النقاش حول هذا الجهاز المعطوب لماذا بقي منصب الرئاسة حكرا على دولة بعينها بعدما تم تأبيده بمصر وكانه ملحقة تابعة لدولة تاريخها في الصراع والعلاقات الدولية لم يسجل فيه انجاز ؟ أين مبدأ التناوب بين الدول حول التسيير حتى لاتبقى أجهزة الجامعة في يد ركبها الجهل والتخلف والركود ؟وبعدما فقدت كثير من الأدوار التي كانت تلعب في السابق .
أغلب المحللين يعتبرون غياب رؤساء الدول عن هذه القمة افقدها كثير من مقومات النجاح على الأقل المستوى التمثيلي وهي ضربة موجعة للنظام الجزائري الذي سعى بكل إمكاناته جاهدا ليحقق هذا الهدف فظهر عجزه و تبين عدم قدرته على حل إشكال عميق عمر لسنين عديدة ويؤشر على ان الاختيار في كل أبعاده لم يكن موفقا .مادامت خريطة الدول العربية يطبعها التشرذم والخلافات فاليمن ضحية تنسيق متخلف بين السعوديةوالامارات أمامصر فهروبها من مشاكلهاالداخلية لم يسعفها في بناء علاقات خارجية مع دول الجوار تونس وليبيا نموذجا والدولة المضيفة ترفع للقمة العربية شعار
“لم الشمل ” وهي تبحث ليل نهار في محاولات بئيسة وفاشلة اغذقت عليها من اموال الشعب الجزائري الشيء الكثير دون نتيجة وهي تحتضن مرتزقة كورقة تطعن في وحدة دولة جار المغرب .
الكثير يعلم ان الجزائر لاتمتلك مقومات دولة مادمت عصابة العسكر جاثمة على الحكم فيها بعقلية مرتهنة لاملاءات خارجية ومحاولة التنافس مع دولة جار في كل مرة تسجل فيها فوزا ديبلوماسيا ساحقا و بامكاناتها الذاتية دون موارد طاقيةكما تفعل الجزائرالتي اختارت الطريق الصعب المسدود عوض مد اليد للاخوة قبل كل شيء والاستفادة من التفوق المغريي الذي حقق ريادة في سياسته الخارجية لاينكرها الا جاحد.تضييع فرص الاستفادة من هذا المعطى انتحار سياسي جزائري بامتياز وهنا نتساءل ومتى كانت عصابة العسكر بالجزائر تجيد السياسة في شقها الايجابي ؟
بيان القمة مفرداته أكبر من مضامينه بل تفوق مستوى واقعه كل المتدخلين الذين تناولوا الكلمة حاولوا جاهدين ان يسدوا ثغرات وفجوات العلاقات وتأكد بالملموس اننا لازلنا كعرب غيرقادرين على البحث عن بدائل لعلاقاتنا المتوثرة.كل الكلام الذي تم تصريفه في القمة يحمل عكس دلالاته بل ويكرس الوضع القائم.لم تحقق القمة جزءا يسيرا من شعارها وفقدت كثير من فرص النجاح لغياب استراتيجية قبلية تهيء ظروف الانعقاد لتحقيق نتائج ملموسة .توقيت القمة المتزامن مع فاتح نونبرذكرى الثورةالشعبية الجزائرية لن يزيد في رصيدها ولن يخفف عن الشعب الجزائري من الضغط الداخلي فكثير من المحطات المشابهة لاتعني الداخل مادام يطبعها التسويق الخارجي والتلويح باوراق في إطار مواجهة يطبعها الندية السلبية التي لم تحقق شيئا يذكر .
الفائز في القمة الوفد المغربي بقيادة وزير الخارجية الذي فرض ببروتوكول مغربي صرف إحترام الجميع ليبصم في قعر دار الخصم اللذوذ على انجاز آخر يكشف سر تفوق الديبلوماسية بتوقيع مغربي وليقدم درسا يجيب على سؤال كيف تكون ناجحا في مجالك حين تحترم الكفاءات؟ ولعل ابرز انتصار تحقق في هذه القمة أيضا ان تقوم بتصويب بعض المغالطات من خلال اللقاء الأول الذي تمت فيه عملية تصحيح الخريطة المغربية قبل انطلاق الأشغال اعترافا بوحدة اراضيه وهي لوحدها كافية مادام النظام الجزائري لم يذخر جهدا في طمس معالمها بكل ما اوتي من قوة .وهذه الضربة لوحدها في اعتقادي كافية .
بيان القمة مفرغ من اجراءات عملية محددة .جاء مثقلا بمفردات وتعابير لا اثر لها في الواقع .مجرد امنيات وطموحات مغلفة بمشاعر يكذبها الواقع النفاق السياسي نال حصة الأسد. البعض اعتبره مسكنا وآخرون اعتبروه محطة تهدئة اتمنى الا تعود بعدها الصراعات اقوى من السابق كالهدوء الذي يسبق العاصفة .فزمن الوحدة والقوة مسؤولية الجميع المشتركة وزمن ضياعها سيسجله التاريخ الذي لاينسى ونحن نعاين ازدواجية الخطاب بين القول والفعل وتلك طامة كبرى.أما قضية فلسطين فتلك مشكلة أخرى تبين بوضوح أننا كلما تقدمنا في السنين إلا ونثبت للآخر مدى تخلفنا عن قضايانا المصيرية. وكيف أننا عاجزين عن إيقاف مهزلة متاجرة الكل بها .